للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أنَّ بناءً ذلك على أنَّ (١) كل مجتهدٍ مصيب إنْ صح - لم يختص بما بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - (٢).

والرابع: أنه نَقَل الإجماع على بطلان الأقسام الثلاثة الأُول، وليس بجيد؛ لما نقله جماعةٌ منهنْ تجويز نسخ الكتاب والسنة بالقياس عن طائفة.

والخامس: في قوله: "إنْ قلنا: المصيب واحد - لم يكن القياس الأول مُتَعَبَّدًا به". قلنا: لا نسلِّم؛ فإنَّ المصيب وإن اتحد - فقد انعقد الإجماع على أنه يجب على كلِّ مجتهدٍ أن يعمل هو ومَنْ قلده بما أداه إليه اجتهاده من قياسٍ أو غيره، وإنْ كان قد أخطأ الحكم المقرر (٣) في نفس الأمر، كما نقول فيمن اجتهد ثم أخطأ الكعبة: يجب أن يصلي إلى الجهة التي استقبلها وإنْ كانت خطأ في نفس الأمر (٤). واعلم أنَّ الإمام لم


(١) سقطت من (ت).
(٢) لجواز الاجتهاد في عهده صلى الله عليه وآله وسلم.
(٣) في (ت)، و (غ): "المقدر". أي: المقدر عند الله تعالى.
(٤) الإمام رحمه الله تعالى يقصد أنه غير متعبَّد بالقياس في نفس الأمر والواقع، لا بالنظر إلى كون المكلف متعبَّدًا بمقتضى اجتهاده، أصاب أم أخطأ. وبالجملة فاعتراض الشارح اعتراض صحيح، إلا أنَّ رفع الحكم عن المجتهد بالنظر إلى الواقع وحقيقة الأمر - على قول المصوِّبة - أقرب إلى حقيقة النسخ مِنْ رفع الحكم بالنظر إلى التكليف بمقتضى الاجتهاد؛ لأن المجتهد - على قول المصوِّبة - لم ينتقل من الخطأ إلى الصواب مطلقًا، أي: لا بالنظر إلى التكليف بمقتضى الاجتهاد، ولا بالنظر إلى الواقع. وعلى قول المخطِّئة فإن المجتهد انتقل من الصواب إلى الصواب باعتبار تكليفه بمقتضى اجتهاده، ومن الخطأ إلى الصواب باعتبار الواقع وحقيقة الأمر، وهذا منافٍ لحقيقة النسخ من هذه الجهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>