(٢) الفعل المبتدأ غير معلوم الصفة نوعان: أحدهما: ما ظهر فيه قصد القربة. والثاني: ما لم يظهر فيه قصد القربة. قال أبو شامة رحمه الله تعالى في "المحقَّق من علم الأصول" ص ٦٢: "فأما ما ظهر فيه قصد القربة فهو عمدة هذا الباب، والمقصود الأصلي بهذه التقسيمات، والذي اضطرب فيه الفقهاء أرباب المذاهب والأصوليون، ففيه سبعة مذاهب". ثم قال بعد ذلك في النوع الثاني: وهو ما لم يظهر فيه قصد القربة: "وقد ألحقه قومٌ بما ظهر فيه قَصْدُ القربة، فأجْرَوا فيه ذلك الخلاف". ص ٦٩. واكتفى أبو شامة بهذا، وهو يدل على ترجيحه لهذا الإلحاق، بل يدل على عدم وجود خلاف أصلًا في هذا الإلحاق؛ إذ لو كان هناك مخالِفٌ لذكره، وهو في مَعْرِض الاستقصاء وذِكْر كلِّ ما يتعلق بالمسألة، فكيف بهذا الإلحاق المهم، والذي به تتضح صورة المسألة، ومحل النظر فيها، وموطن الترجيح في شقيها! . وغاية ما يدل عليه كلامه السابق - والله أعلم - هو أن كثيرًا من العلماء لم ينصوا على حكم هذا القسم، فقال عن البعض الذي نَصَّ عليه: إنه ألحقه بالقسم الآخر الذي ظهر فيه قصد القربة. وقال أيضًا عن هذين القسمين في ص ٧١: "وأما القسمان الآخران: وهما الفعل المبتدأ الذي ظهر فيه قَصْد القربة، والذي لم تظهر فيه - فقد نُقلت فيهما سبعة مذاهب". وهذا التوحيد للأقوال في المسألة للقسمين تصريح بأنهما نوعان لقسم واحد، وأن الذي يقول بقول في أحدهما يقول بمثله في الآخر، ما لم يُصرِّح بخلافه. بل إلحاق ما لم يظهر فيه قصد القربة بما ظهر فيه - هو إلحاق بطريق الأولى؛ لأن الخلاف إذا كان موجودًا فيما ظهر فيه قصد القربة - فلأن يُوجد في الفِعْل الذي لا يظهر فيه قصد القربة، وهو مجهول الصفة بالكلية من باب أولى. فكل خلاف مذكور في أحد القسمين يكون مثله في الآخر، ما لم يُصَرَّح بالتفريق، والجامع بين القسمين هو الجهل بدلالة الفعل على حكمٍ معيَّن. وقد تبع أبو شامة - رحمه الله - شيخَه الآمدي - رحمه الله - في هذا الإلحاق، إذ قال في الإحكام ١/ ١٧٤: "وأما ما لم يظهر فيه =