للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: فكيف يتجه جريان قولٍ بالإباحة فيما يظهر فيه قصد القربة، فإنَّ قصد القربة لا يُجامع استواء الطرفين؟

قلت: النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يُقدم على ما هو مستوي الطرفين؛ ليبين للأمة جواز الإقدام عليه، ويُثاب - صلى الله عليه وسلم - بهذا القصدِ وهذا الفعلِ وإن كان مستوي الطرفين، فيظهر في المباح قَصْدُ القربة بهذا الاعتبار (١)، ولا يتجه جريان القول بالإباحة إلا بهذا التقرير. على أنا لم نَرَ مِن المتقدمين مَنْ صرَّح بحكايته في هذا القسم، أعني: السادس، وهو ما ظهر فيه قصد القربة. نعم حكاه الآمدي ومَنْ تلقاه منه، ولا مساعِدَ للآمدي على (٢) حكايته، وأنا قد وقفت على كلام القاضي فمَنْ بعده.

الثامن: ما دار الأمر فيه بين أن يكون جبليًا وأن يكون شرعيًا وهذا القسم لم يذكره الأصوليون، فهل يُحمل على الجبلي؛ لأن الأصل عدم التشريع، أو على الشرعي؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - بُعِث لبيان الشرعيات؟

وهذا القسم قاعدة جليلة، وهي مُفْتَتَح كتابنا "الأشباه والنظائر"، وقد ذكرت في كتابي "الأشباه النظائر" أنه قد يخرج فيها قولان من القولين في تعارض الأصل والظاهر (٣)؛ إذ الأصل عدم التشريع،


(١) انظر: شرح المحلي على الجمع ٢/ ٩٩، سلم الوصول ٣/ ٢٢.
(٢) في (ت): "في".
(٣) قال الشارح رحمه الله: "فإن عارض الأصلَ ظاهرٌ - فقيل: قولان دائمًا. وقيل: غالبًا. وقيل: أصحهما اعتماد الأصل دائمًا. وقيل: غالبًا. والتحقيق: الأخذ بأقوى الظنين". الأشباه والنظائر ١/ ١٤. وانظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>