للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخضع له أرباب المناصب من القضاة وغيرهم" (١).

وكذا قال ابن كثير وابن حجر رحمهما الله (٢).

ويقول ابن كثير - رحمه الله - في وفاة الخطيب جمال الدين ابن جملة: "وقد حضر جنازته بالصالحية على ما ذُكر جَمٌّ غفير، وخلقٌ كثير، ونال قاضيَ القضاة الشافعيَّ مِن بعض الجهلة إساءةُ أدب، فأخذ منهم جماعة وأُدِّبوا، وحضر هو بنفسه صلاة الظهر يومئذ، وكذا باشر الظهر والعصر في بقية الأيام، يأتي للجامع في مَحْفَلٍ من الفقهاء والأعيان وغيرهم، ذهابًا وإيابًا. . ." (٣).

ولا شك أنَّ تأديب الجهلة مِنْ حفظ الحرمة والمهابة، والاستخفاف بمقام العالم مصيبة تربو على المصائب؛ لأنها مصيبة الدين، وضياع الملة، وخُلُق الفَسَقة والمرتدين، ونحن في أيام غربة وبلاء، وضيق وضرَّاء، ضُيِّعت فيه المكارم، ووئدت الأخلاق، فأسعد الناس أجهلهم، وأكرمهم أسفلهم، وعِلْم العالم تحت الأقدام، ومال الجاهل على الرؤوس والأعيان، فلا حول ولا قوة إلا بالله الملك الديَّان.

والمهابة لا تعني الكبر والتعالي على الناس، بل هي وقارٌ وجلال بلا تَكَلُّف، وحِلْم ولين بلا تَضَعُّف، وقوةٌ وحزمٌ في الأمور مع التروي


(١) انظر: طبقات ابن قاضي شهبة ٣/ ١٠٦.
(٢) انظر: الدرر ٢/ ٤٢٦، ٤٢٨.
(٣) البداية والنهاية ١٤/ ٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>