للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أن يكون ممنوعًا لو لم يَجِبْ (١)، كالإتيان بالركوعين في صلاتي الخسوف والكسوف (٢)، وكالختان (٣).

ولقائل أن يقول: هذا ينتقض بسجود السهو، وسجود التلاوة، فإنهما سنتان (٤) وممنوع منهما لولا المقتضِي لهما (٥).


(١) أي: فعدم المنع علامة على وجوب ما أصله المنع.
(٢) انظر: العزيز شرح الوجيز ٢/ ٣٧٢ - ٣٧٣.
(٣) انظر: غاية البيان شرح زبد ابن رسلان ص ٣٩.
(٤) في (ص): "شيئان". وهو خطأ.
(٥) المعنى: أنه جعل ملازمةً بين المنع وعدم الوجوب. فلو لم يجب - لكان ممنوعًا. لكنه غير ممنوع فهو واجب. فعدم المنع علامة على الوجوب. فَتُنْقض الملازمة بسجود السهو والتلاوة فإنهما سنتان وممنوعٌ منهما لولا المقتضي لهما وهو كونهما سنة. فلولا سنية سجود السهو والتلاوة - لكانا ممنوعين. لكنهما غير ممنوعين، فهما سنتان. فعدم المنع علامة على السنية. ملاحظة: ينبغي التنبه إلى التفريق بين المقتضي؛ وسبب المقتضي؛ لأن الأول حكم تكليفي والثاني حكم وضعي، وكلامنا عن التكليفي لا الوضعي. فهنا قلنا: المقتضي لسجود السهو والتلاوة كونهما سنة. ولم نقل: المقتضي لسجود السهو والتلاوة هو السهو وتلاوة آية السجدة؛ لأن هذين سببان في الاقتضاء، أي: في السنية، فهما حكمان وضعيان، وكلامنا هنا عن الحكم التكليفي. فعدم المنع علامة على حكمين تكليفيين: الوجوب والندب. والمقتضي لعدم المنع هما الوجوب والندب، فالوجوب والندب سببان لعدم المنع، وهو مسبب. فهما ملزومان، وعدم المنع لازم، واللازم لا يتخلف عن ملزومه. ويلاحظ أيضًا أن النقض بسجود السهو إنما هو على مذهب الشافعية القائلين بأنه سنة. قال النووي رحمه الله تعالى: "سجود السهو سنة عندنا ليس بواجب. وقال أبو حنيفة: هو واجب يأثم بتركه، وليس بشرط لصحة الصلاة. وقال بعض أصحاب أبي حنيفة: هو سنة، كقولنا. وقال القاضي عبد الوهاب المالكي: الذي يقتضيه مذهبنا أنه واجب في سهو النقصان. وأوجبه أحمد في الزيادة والنقصان". المجموع ٤/ ١٥٢، وقد نص الرملي في نهاية المحتاج ٢/ ٦٢، وابن حجر في تحفة المحتاج ٢/ ١٦٩: على أنه سنة مؤكدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>