للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان عن ماضٍ فلا يفيده (١).

لنا: أنا بالضرورة نعلم وجودَ البلاد النائية، كنيسابور وخوارزم. والأشخاصَ الماضية، كالشافعي، وأبي حنيفة. ونجزم بذلك جزمًا يجري مَجْرى جزمِنا بالمشاهدات، فيكون المنكِر لها كالمنكر للمشاهدات، ومن أنكر ذلك فقد سقطت مكالمته، ووضحت مجاحدته.

قال القاضي: "فإن قالوا المحسوسات لما كانت معلومة ضروريةً لم نجحدها، وإنما جحدنا ما تواترت عنه الأخبار.

قلنا: وقد جحد المحسوسات السفسطائية (٢)، وزعموا أن كل ما يسمى محسوسًا فلا حقيقة له، وإنما رؤيتنا له تخيل (٣) كحكم (٤) النائم.


(١) في (ت): "فلا يفيد".
(٢) هم ثلاثة أصناف: فصنف منهم نفى ثبوت الحقائق للأشياء، وصنفٌ منهم شكُّوا فيها (أي: ينكرون العلم بثبوت شيء، ولا ثبوته، فهم شاكُّون، وشاكُّون أنهم شاكون، وهلمّ جرّا)، وصنف منهم قالوا: هي حقٌّ عند مَنْ هي عنده حق، وهي باطل عند من هي عنده باطل. وعمدة ما ذكر من اعتراضهم فهو اختلاف الحواس في المحسوسات، كإدراك البصر مَنْ بَعُد عنه صغيرًا، وَمَنْ قَرُب منه كبيرًا. وكوجود من به حمى صفراء حلوَ المطاعم مرًا، وما يرى في الرؤيا مما لا يشك فيه رائيه أنه حق مِنْ أنه في البلاد البعيدة. قال أمير بادشاه: "والحق أنهم لا يستحقون الجواب، بل يُقتلون ويُضربون، ويقال لهم: لا تجزعوا فإنه لا ثبوت لشيء. وسوفسطا: اسم للحكمة المموّهة والعلم المزخرف. ويقال: سَفْسَط في الكلام - إذ هذى". تيسير التحرير ٣/ ٣٢. وانظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل ١/ ٨، تلبيس إبليس ص ٥٣.
(٣) في (ص): "تخييل".
(٤) في "التلخيص": "كحلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>