للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بدر للمقاتلة ثلثمائةِ رجلٍ وخمسةُ رجال، ولم يحضر الغزوة ثمانيةٌ من المؤمنين، أدخلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في حكم عِدَاد (١) الحاضرين، وأجرى عليهم حكمهم، فكانت الجملة ثلثمائةٍ وثلاثةَ عشرَ، فاستفِدْ هذا، فإن جماعةً من المحدثين ذهلوا عنه، حتى حكاه بعضهم خلافًا، فقال: قيل: ثلاثمائةٍ وثلاثة عشر، وقيل: ثَلاثُمائةٍ وخمسُ رجال، كالحافظ شرف الدين الدمياطي وغيره، والجمع بين القولين ما أشرنا إليه (٢).

قال المصنف تبعًا للجماهير: "والكل ضعيف". وهو كذلك؛ لأنا نعارض بعض هذه المذاهب ببعض، ولا يتجه عند تعارضها ترجيح بعض على بعض. قال إمام الحرمين: "وإنْ عَنَّ ترجيحٌ فليس ذلك من مدلول الحق المقطوع به، فإن الترجيحات ثمراتُها غَلَباتُ الظنون في مُطَّرِد العادة. وأيضًا فإنه لا تعلق لشيء من هذه الأعداد بالأخبار، وإنما هي في قضايا غايات جرت في حكايةِ أحوالٍ، وليس في العقل ما يَقْضِي (٣) بمناسبة شيءٍ منها لاقتضاء العلم، فلا وجه لاعتبار شيءٍ منها. وأيضًا فما مِنْ عددٍ مما ذكروه إلا ويمكن فرض تواطؤهم على الكذب. وبالجملة


(١) في (ت): "عدد".
(٢) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح ٧/ ٢٩٢: "وعند ابن جرير من حديث ابن عباس: "أن أهل بدر كانوا ثلاثمائة ستة رجال"، وقد بين ذلك ابن سعد فقال: "إنهم كانوا ثلاثمائة وخمسة"، وكأنه لم يَعُدَّ فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبَيَّن وجه الجمع بأن ثمانية أنفس عُدُّو في أهل بدر ولم يشهدوها، وإنما ضرب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم بسهامهم؛ لكونهم تخلفوا لضرورات لهم. . .".
(٣) في (ص): "ما يقتضي".

<<  <  ج: ص:  >  >>