للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: صحيح، ولكن لما كان الغرض الكلام (١) في مقبول (٢) الرواية أُخِذ في وصف العدالة شَرْطُ القبول، وهو تساهل (٣)، ولو كانت العبارة: مقبول الرواية: ذو الملكة النفسية التي تحمل على ملازمة التقوى والمروءة - لكانت أَسَدَّ (٤) وأوضح.

ثم اعلم أن المروءة التي هي شرطٌ في قبول الشهادة: هي التوقي عن الأدناس (٥). ومنها ما هو مشترط في أصل العدالة، ومِنْ مجامع القول في


(١) سقطت من (ت).
(٢) في (ت)، و (غ): "قبول".
(٣) المعنى: أن التوقي عن الرذائل المباحة شرطٌ في الشهادة والرواية؛ لأنها من المروءة التي هي شرطٌ فيهما. وليس التوقي عن الرذائل المباحة شرطًا في العدالة، لأن العدالة: هي القيام بالواجبات، وترك المحرمات. فالرذائل المباحة غير داخلة فيها، والكلام هنا في هذا الشرط عن العدالة نفسها، لا عن قبول الرواية التي يُشترط فيها المروءة. فأجاب: بأن هذا الاعتراض صحيح، ولكن لما كان الغرض من الكلام هو بيان مقبول الرواية - أُخِذ في وصف العدالة التوقي عن الرذائل المباحة؛ لأنها شرطٌ لقبول الرواية، ولكن هذا في الحقيقة تساهل، والصواب عدم إدخال ذلك في العدالة.
(٤) في (ص): "أشد". وهو خطأ.
(٥) في تيسير التحرير ٣/ ٤٤: (والمروءة) بالهمز، ويجوز تركه وتشديد الراء: وهي صيانة النفس عن الأدناس، وما يشينها عند الناس. وقيل: أن لا يأتي ما يُعتذر منه مما يَبخسه من مرتبته عند العقلاء. وقيل: السمت الحسن وحفظ اللسان والاجتناب من السخف. أي: الارتفاع عن كل خلقٍ دنيء. اهـ. وقال النووي رحمه الله تعالى: "المروءة: تَخَلُّقٌ بخُلُق أمثاله في زمانه ومكانه". قال الرملي في الشرح: "لاختلاف العُرْف في هذه الأمور غالبًا، بخلاف العدالة: فإنها ملكة راسخة في النفس، لا تتغير بعروضِ منافٍ لها. والمراد بذلك تَخَلُّقُه بخلق أمثاله المباحة غير المزرية". انظر: نهاية =

<<  <  ج: ص:  >  >>