للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصغائر، إن قلنا بالأول - لم تضر، وإن قلنا بالثاني - ضَرَّ (١).

واعلم أن الصغائر كما تصير بالإصرار كبيرة، كذلك بعض المباحات تصير بالإصرار صغيرة. قال الغزالي في أثناء كتاب التوبة من "إحياء علوم الدين" وهو الكتاب الأول مِنْ رُبْع المُنْجيات: "الصغيرة تكبر بالمواظبة، كما أن المباح يصير صغيرة بالمواظبة، كاللعب بالشِّطْرَنج (٢)، والترنم بالغناء على الدوام وغيره" (٣).

فإن قلت: هذا التعريف الذىِ قدمتوه في العدالة قضيته: أنَّ مَن لم يُقْدِم على كبيرة ولا رذيلة، ولم يكن في نفسه ملكة تمنعها عن اقتراف هذين، وإنما كَفَّ عنهما كَفًّا من غير أن يكون في نفسه ملكة


= فكيف بالمداومة!
(١) يعني: يظهر أثر الفرق بين القولين فيما إذا أتى بأنواع من الصغائر، فإنها تضره على مقتضى القول الثاني، ولا تضره على مقتضى القول الأول، وكذا لو أكثر من نوع واحدٍ من الصغائر بطريق الأَوْلى، فإنها تضره على مقتضى القول الثاني، ولا تضره على مقتضى القول الأول. والحاصل أن الفرق بين القولين يظهر في الإكثار من الصغائر لا في المداومة على نوعٍ واحد.
(٢) قال النووي - رحمه الله تعالى - في "فتاويه" ص ٢٦١، عن حكم اللعب بالشطرنج: "إنْ فَوَّت به صلاةً عن وقتها، أو لعب على عِوَضٍ (أي: مال من الجانبين، أو أحدهما) - فهو حرام، وإلا فمكروه عند الشافعي رضي الله تعالى عنه، وحرام عند غيره". وانظر: نهاية المحتاج ٨/ ٢٨٠، الزواجر ٢/ ٢٠٠، كف الرعاع ص ٣٢٠، الحاوي ٢١/ ١٩١، روضة الطالبين ٨/ ٢٠٣.
(٣) انظر: إحياء علوم الدين ٤/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>