للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الدليل فيه نظر؛ لأنا إذا شككنا في المانع فالأصل عدمه (١)، فقد حصل ظنُّ عدمه بدليل الأصل؛ لأن عدم المانع ليس شرطًا حتى يُشترط تحقق عدمه، وكثير من الفقهاء يتخيل أنه شرط (٢)، وليس كذلك، بل عدم المانع ليس بشرط، وعدم الشرط ليس بمانع. ودليله أن الشك في عدم الشرط يمنع ترتب الحكم، والشك في المانع لا يمنع ترتب الحكم؛ لأن القاعدة أن المشكوكات كالمعدومات، فكل شيء شككنا في وجوده أو عدمه جعلناه معدومًا، فلو كان عدمُ الشرط مانعًا، أو عدم المانع شرطًا لزم من الشك فيه أن يرتب (٣) الحكم؛ لأنه مانع، وأن لا يرتبه (٤)، لأنه شرط، (فيرتِّبه ولا يرتِّبه) (٥)، وهذا جمع بين النقيضين (٦) (٧).


(١) يعني: إذا شككنا في الفسق، هل هو موجود أو غير موجود؟ فالأصل عدم الفسق.
(٢) كالإمام وأتباعه - رحمهم الله تعالى - حيث قال في المحصول ٢/ ق ١/ ٥٧٩: "عدم الفسق شرطُ جواز الرواية، فوجب أن يكون العلم به شرطًا لجواز الرواية". وانظر: الحاصل ٢/ ٧٩٣، التحصيل ٢/ ١٣٣، نهاية الوصول ٧/ ٢٨٨٨، الإحكام ٢/ ٧٩.
(٣) في (ص): "نرتب".
(٤) في (ص): "لا نرتبه".
(٥) في (ص): "فنرتبه ولا نربته".
(٦) يعني لو قلنا: عدم الشرط مانع. ثم شككنا في عدم الشرط، فباعتبار كونه شرطًا نمنع ثبوت الحكم، وباعتبار كونه مانعًا نثبت الحكم، وهذا جمع بين النقيضين. وكذا لو قلنا: عدم المانع شرط. ثم شككنا في عدم المانع، فباعتبار كونه مانعًا نثبت الحكم، وباعتبار كونه شرطًا نمنع ثبوت الحكم، وهذا أيضًا جمع بين النقيضين؛ فثبت أن عدم الشرط ليس بمانع، وعدم المانع ليس بشرط.
(٧) هذا الاعتراض الذي ذكره الشارح - رحمه الله - استفاده من القرافي رحمه الله، حيث ذكره قاعدة في نفائس الأصول ٧/ ٢٩٦٤، معترِضًا بها على الإمام رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>