للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبيرِه وصغيرِه في قول وفعل؛ لأنَّ تعديلهم من الله تعالى، وهو عليم بالسر والعلانية، فلو كان فيهم (١) عاصٍ لما عَدَّله، بخلاف تعديلنا، فإنه مبني على ظننا وما أدَّى إليه نظرنا، مع احتمال خلافه في نفس الأمر.

فإنْ قلت: الآية متروكة الظاهر؛ لأن وصف الأمة بالعدالة يقتضي اتصاف كلِّ واحدٍ منهم بها، وخلاف ذلك معلومٌ بالضرورة، فلا بد مِنْ حَمْلها على البعض، (ونحن نحملها) (٢) على الإمام المعصوم.

قلت: لا نسلم أنها متروكة الظاهر، قوله: لأنها تقتضي كون كلِّ واحد منهم عدلًا. قلنا: لمَّا ثبت أنه لا يجوز إجراؤه على ظاهره - وجب أن يكون المرادُ امتناعَ خلو الأمة عن العدول. وقوله: نحمله على الإمام المعصوم. قلنا: قوله: {جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} صيغة جَمْع فحَمْله على الواحد خلافُ الظاهر. هذا كلام الإمام سؤالًا وجوابًا (٣).

وقد يقال: لا يجامع قولُ الإمام: لا نسلم أنها متروكة الظاهر - قولَه: لَمَّا ثبت أنه لا يجوز إجراء اللفظ على ظاهره إلى آخره. وهو سؤال قوي.

ويمكن أن يقال في جوابه: إنَّ الخصم ادَّعى أن ظاهرَ الآية موضوعُ اللفظ: وهو تعديل كل واحد، وهو غير مُراد. والإمام أجاب بمنع كونها متروكةَ الظاهر، ومراد الإمام بظاهرها غيرُ مرادِ الخصم. فقوله: لا نسلم أنها متروكة الظاهر، يعني: بالمعنى الذي نعنيه نحن بالظاهر.


(١) في (ت): "منهم".
(٢) في (ت)، و (ص): "ونحن فنحملها". وهو خطأ.
(٣) انظر: المحصول ٢/ ق ١/ ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>