للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: لَمَّا ثبت أنه لا يجوز إجراء اللفظ على ظاهره، (يعني: ظاهره) (١) الذي عَنَيْتموه أنتم، وظاهرها عند الإمام: أنَّ الأمة لَا تخلو عن العدول، وهو غير موضوع اللفظ، وظاهرها عند الخصم موضوع اللفظ. وهذا أقصى ما يقال في الجواب. وقد قيل مثله في آيات الصفات فادَّعى بعض المباحثين المأَوِّلين (٢) من أهل السنة أن ظاهرها هو المعنى الذي أُوِّلت عليه؛ لأنه لَمَّا ثبت أنَّ إجراء اللفظ على موضوعه ممتنع - وجب حمله على ذلك المعنى، فكان (٣) هو الظاهر. ومَثَّل هذا بقول الملك المتغلب في حال قهره وسطوته على عدوه الخسيس: أنا فوقَك ويدي عليك. قال: فإن ظاهر هذا اللفظ المتبادِر إلى الفهم غير ما هو موضوعه، فليس كلُّ ما هو موضوع اللفظ يكون هو ظاهره. وكذلك قولك: رأيت أسدًا يرمي بالنشاب ليس ظاهره إلا المجاز، وهو غير الموضوع الحقيقي. فقد تقرر كلام الإمام.

فإنْ قلت: سَلَّمنا أن الآية ليست متروكة الظاهر، لكن لا نسلم أنَّ الوسط من كل شيء خياره، ويدل عليه وجهان:

الأول: أن العدالة مِنْ فعل العبد، إذ هي عبارة عن أداء الواجبات واجتناب الموبقات. وقد أخبر الله تعالى أنه جعلهم وسطًا، فاقتضى أنَّ كونهم وَسَطًا مِنْ فعل الله تعالى، فظهر أن العدالة غيرُ الوسط.


(١) سقطت من (ت).
(٢) في (ص): "المتأولين".
(٣) في (ص): "وكان".

<<  <  ج: ص:  >  >>