للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظرهم، فإذا كان حكم العادة هذا في النظري القطعي، فما الظن بالنظري الظني الذي لا يُفْرض فيه قطع!

فإذا تقرر أنَّ اطراد الاعتياد يُحيل اجتماعَهم على (فنٍّ في الظن) (١)، فإذا ألفيناهم قاطعين بالحكم (لا يرجمون) (٢) فيه رأيًا، ولا يرددون قولًا - فيعلم قطعًا أنهم أسندوا الحكم إلى شيءٍ سمعي قطعي عندهم، ثم لا يبعد سقوط النقل فيه.

والصورة الثانية: إذا أجمعوا (٣) على حكمٍ وأسندوه إلى الظن وصَرَّحُوا به - فهذا أيضًا حجة قاطعة، والدليل عليه أنا وجدنا العصبة الماضين والأئمة المنقرضين متفقين على تبكيت مَنْ يخالف إجماع علماء الدهر، فلم يزالوا ينسبون المخالفَ إلى المروق، والمحادَّة والعقوق، ولا


(١) في (ص): "قول الظن". وغالب الظن أنها من تصرف الناسخ؛ إذ هذه العبارة غير موجودة في البرهان، والمثبت من (ت)، و (غ)، وهو موافق لبعض نسخ البرهان، وعبارة بعض النسخ منه: "فنٍّ من النظر". انظر: البرهان ١/ ٦٨٠.
(٢) في البرهان ١/ ٦٨٠,: "لا يُرجِّعون" والمثبت أقرب. ومعنى "لا يَرْجمون" أي: لا يظنون، من الرَّجْم وهو الظن. قال في اللسان ١٢/ ٢٢٧: "والرَّجْم: القول بالظن والحدْس. وفي الصِّحاح: أن يتكلم الرجل بالظن، ومنه قوله: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ}. ومعنى: "لا يرجِّعون" أي: لا يردِّدون. ومنه قولهم: رجَّع الرجلُ وترجَّع: ردَّد صوته في قراءة، أو أذان، أو غناء، أو زَمْر، أو غير ذلك مما يترنَّم به. وترجيع الصوت: ترديده في الحَلْق كقراءة أصحاب الألحان. انظر: لسان العرب ٨/ ١١٥. وفيه أيضًا: "وكلُّ شيءٍ مُرَدَّدٍ من قولٍ أو فعلٍ فهو رَجِيع؛ لأن معناه مَرْجُوعٌ أي: مردود" ٨/ ١١٧، مادة (رجع). وانظر: المصباح المنير ١/ ٢٣٦.
(٣) في (غ): "اجتمعوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>