للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إمام الحرمين فقد اعترف بأنه ليس في السمعيات قاطع على أن الإجماع واجب الاتباع، وسلك طريقًا آخر عقليًا فقال: "الطريق القاطع على أنه حجة قاطعة أنا نقول: للإجماع صورتان نذكرهما، ونذكر السبيل المَرْضِي في إثبات الإجماع في كل واحدةٍ منهما:

إحداهما: أن يُصادف (١) علماء العصر على توافرهم في أطراف الخُطَّة وأوساطها مُجْمِعون (٢) على حكمٍ مظنون (والرأي فيه مضطَرِب) (٣)، فيُعْلم والحالة هذه أن اتفاقهم إنْ وقع فلا يُحمل على وفاق اعتقاداتهم وجريانها على منهاج واحد (٤)، فإنَّ ذلك مع تطرق وجوه الإمكان واطراد الاعتياد مستحيل (٥)، بل يستحيل اجتماع العقلاء على معقولٍ مقطوعٍ به في أساليب العقول إذا كان لا يُتطرق إليه إلا (٦) بانضمام (٧) نَظَرٍ وسَبْرِ (٨) فكرٍ؛ وذلك لاختلاف الناظرين في


(١) في البرهان ١/ ٦٨٠: "نصادف".
(٢) الصواب: "مجمعين"، كما في البرهان.
(٣) في (ص): "وللرأي فيه مُضْطَرَب". والمعنى أن ذلك الحكم المظنون للرأي والعقل فيه اضطراب واختلاف؛ لكونه ظنيًا لا قطعيًا.
(٤) يعني: اتفاقهم في تلك المسألة إنْ وقع فلا يُحمل على أنهم اتفقوا على هذا الظني كاتفاقهم على المعتقدات القطعية التي لا تحتمل الخلاف.
(٥) في (ت): "يستحيل".
(٦) سقطت من (ت).
(٧) في البرهان ١/ ٦٨٠: "بإنعام". ولعلها: "بإمعان".
(٨) في البرهان: "وتسديد".

<<  <  ج: ص:  >  >>