للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلكت طائفةٌ طريقةً أخرى، قال القاضي: "وهي الأَوْلى: وهي أنَّا قد علمنا قطعًا (وانتشارًا احتجاجَ) (١) السلف في الحث على (٢) موافقة الأمة واتباعها، والزجرِ عن مخالفتها، بهذه الأخبار التي ذكرناها"، قال القاضي: "وما أبدع مُبْدِعٌ في العُصُر الخالية بدعةً إلا وبَّخه علماءُ عصره على ترك الاتباع وإيثار الابتداع (٣)، واحتجوا عليه بالألفاظ التي قدمناها"، قال: "وهذا ما لا سبيل إلى جَحْده، وقد تحقق ذلك في زمن الصحابة والتابعين ومَنْ بعدهم، ولم يُظْهِرْ أحدٌ قبل النَّظَّام مَطْعنًا في الأحاديث، فلولا أنهم علموا قطعًا صِدْقَ الرواة - لوجب في مُسْتَقَر العادة أن يُبدوا ضربًا من المطاعن في الأخبار" (٤). هذا كلام القاضي.

ولقائل أن يقول: أما أن السلف كانوا يُوَبِّخون على ترك الاتباع وإيثار الابتداع - فمسلَّم، وأما أنهم كانوا يحتجون على ذلك بالألفاظ المتقدمة - فغير مسلَّم، فلم (٥) تكن هذه الطريقة سالمةً عن الاعتراض.

وقال الإمام: "لم يقل أحدٌ: إنَّ الإجماع المنعقد بصريح القول دليلٌ ظني، بل منهم مَنْ نفى كونه دليلًا بالأصالة، ومنهم مَنْ جعله قاطعًا" (٦).


(١) في التلخيص ٣/ ٢٧: "انتشار احتجاج". وكلاهما صحيح.
(٢) سقطت من (ت).
(٣) في (ت): "الإبداع".
(٤) انظر: التلخيص ٣/ ٢٧.
(٥) في (ص)، و (غ): "ولم".
(٦) انظر: المحصول ٢/ ق ١/ ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>