للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا المثال سبق المصنفَ بذكره الإمامُ والآمديُّ (١) وغيرُهما وهو صحيح وإنْ صَحَّ ما نقله ابن حزم الظاهري مِنْ ذهاب بعضهم إلى انفراد الأخ بالمال؛ لأن الإجماع وقع بعد ذلك على خلافه.

ومن أمثلته أيضًا: الجارية الثيب إذا وَطِئها المشتري ثم وجد بها عيبًا قديمًا. قال بعضهم: نمنع الردّ (٢). وقال آخرون بالرد مع العُقْر (٣). فالقول بالردِّ مجانًا ثالث. كذا صَوَّره الآمديُّ في الثيب، وابن الحاجب في البكر (٤).

فإن قلت: كيف قال الشافعيُّ - رضي الله عنه - ومالكٌ والليثُ في الثيب (٥) بالردِّ مجانًا (٦)؟

قلت: لم يثبت تَكلُّم جميع الصحابة في المسألة، بل كان القولان ممن تكلم فيها فقط (٧). ولو فُرض كلام جميعهم فلا نسلم استقرار رأيهم على


(١) انظر: المحصول ٢/ ق ١/ ١٨٠ - ١٨١.
(٢) أي: فليس للمشتري إلا الرجوع على البائع بقيمة العيب. وبه قال أبو حنيفة - رضي الله عنه - لكنه قال ذلك أيضًا في البكر. انظر: بداية المجتهد ٢/ ١٨٢.
(٣) أي: يردها، ويردُّ مهرَ مِثْلها. وبه قال ابن أبي شبرمة وابن أبي ليلى، سواء عندهما البكر والثيب. انظر: بداية المجتهد ٢/ ١٨٢.
(٤) انظر: الإحكام ١/. . .، العضد على ابن الحاجب ٢/ ٣٩، البحر المحيط ٦/ ٥١٩.
(٥) دون البكر.
(٦) وهو إحدى الروايتين عن أحمد - رضي الله عنه -. انظر: بداية المجتهد ٢/ ١٨٢، روضة الطالبين ٣/ ١٥٠، الشرح الكبير ٤/ ٨٨، المحلى ٩/ ٧٢.
(٧) ولذلك قال الإسنوي رحمه الله: "وصورة هذه المسألة (أي: مسألة إحداث قولٍ ثالث على القولَيْن السابقَيْن): أن يتكلم المجتهدون جميعُهم في المسألة، ويختلفوا فيها على قولين. . . وأما مجرد نقل القولين عن عصرٍ من الأعصار فإنه لا يكون مانعًا من =

<<  <  ج: ص:  >  >>