للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان مُبْطلًا للإجماع، وذلك باطل.

والجواب: أن اتفاقهم على وجوب الأخذ بأحد القولين، وعدمِ جواز غيرِهما - مشروطٌ بعدم حدوث ثالث، فإذا حدث ثالثٌ انتفى شرطُ الاتفاق على وجوب الأخذ بأحد القولين وامتناعِ الثالث.

واعترض الخصم على هذا الجواب بأنه واردٌ على الوَحْداني؛ إذ الشبهة قائمة بعينها فيه، فيقال: إنما أوجبوا التمسك بالإجماع على القول الواحد بشرط أن لا يظهر الثاني، فإذا ظهر فقد زال شرطه، فيجوز القول بخلافه.

وأجيب عنه: بأن الاحتمال وإنْ كان قائمًا في الإجماع على القول الواحد لكنهم منعوا فيه مِنْ إحداث ما يخالفه، وجزموا بوجوب الأخذ به دائمًا، بخلاف ما إذا اختلفوا على قولين فلم يقطعوا بنفي الاحتمال المذكور، فليس لنا أن نحكم عليهم بالتسوية (١).

وهنا كلامان:

أحدهما: إنَّ في صحةِ وقوعِ اشتراطِ عدم إحداث الثالث في الإجماع على أحد القولين - نظرًا، ومَنْ نقل ذلك!

والثاني: أنه مبني على أنه لا يجوز حدوث إجماع بعد إجماع سبق (٢) على خلافه، وقد ذهب أبو عبد الله (٣) إلى أنه يجوز


(١) في (ت): "بالسوية". والمعنى: ليس لنا أن نحكم على المجتهدين بأن يُسووا بين الإجماعَيْن: الإجماع على قول، والإجماع على قولين، بأن يجزموا بنفي الاحتمال في الثاني، كما جزموا به في الأول؛ لأن صورة الإجماعين مختلفة.
(٢) في (ت)، و (غ): "سابق".
(٣) هو أبو عبد الله البصري، كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>