للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- لم ينعقد من وجه، وسيأتي - إن شاء الله - كلامُ إمام الحرمين فيه.

وأما الفسقة مِنْ أهل القبلة البالغون في العلم مبلغ المجتهدين: فذهب معظم الأصوليين - كما ذكر إمام الحرمين - إلى أنه لا يُعتبر وِفاقهم ولا خِلافهم (١). والمختار خلاف ذلك؛ لأنَّ المعصية لا تزيل اسم الإيمان، فيكون قولُ مَنْ عداهم قولَ بعض المؤمنين لا كُلِّهم، فلا يكون حجة (٢). وهذا ما مال إليه إمام الحرمين فقال: "الفاسق المجتهد لا يلزمه أن يقلِّد غيرَه، بل يلزمه (٣) أن يتبع في وقائعه ما يؤدي إليه اجتهاده، وليس له أن يُقَلِّد غيرَه، فكيف ينعقد الإجماعُ عليه في حقِّه، واجتهادُه مخالفٌ (٤) اجتهادَ مَنْ سواه! "، قال: "وإذا بَعُد انعقادُ الإجماع مِنْ وجهٍ لم ينعقد مِنْ وجه"، قال: "فإن قيل: هو عالمٌ في حقِّ نفسه باجتهاده، مُصَدَّق (٥) عليه بينه وبين ربه، وهو مكَذَّب (٦) في حق غيره، فلا يمتنع لانقسامِ أمره على هذا الوجه


(١) انظر: البرهان ١/ ٦٨٨، القواطع ٣/ ٢٤٥، البحر المحيط ٦/ ٤٢٢، تيسير التحرير ٣/ ٢٣٨، شرح الكوكب ٢/ ٢٢٨، المسودة ص ٣٣١.
(٢) وبه قال الشيرازي، والإسفراييني، والغزالي، والآمدي، وابن الحاجب، والإمام وشيعته، وأبو الخطاب من الحنابلة. انظر: اللمع ص ٩١، شرح اللمع ٢/ ٧٢٠، المسودة ص ٣٣١، المستصفى ١/ ١٨٣، الإحكام ١/ ٢٢٩، بيان المختصر ١/ ٥٥٠، العضد على ابن الحاجب ٢/ ٣٣ - ٣٤، المحصول ٢/ ق ١/ ٢٥٧، الحاصل ٢/ ٧١٨، التحصيل ٢/ ٧٥، نهاية الوصول ٦/ ٢٦١٠، التمهيد ٣/ ٢٥٢، مختصر الروضة ص ١٣٠.
(٣) في (ص): "يلزم".
(٤) في (ص): "يخالف".
(٥) في (ص): "فَيُصَدَّق". والمثبت موافق لما في "البرهان".
(٦) في (ت)، و (ص): "يُكَذَّب". والمثبت موافق لما في "البرهان".

<<  <  ج: ص:  >  >>