للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمرين فيستدعي وجود المنتسبين.

وإنّما قلنا: "لاشتراكهما في علَّة الحكم"؛ لأنَّ القياس لا يوجد بدون العلّة (١).

وإنَّما قلنا: "عند المثبت"؛ ليشمل الصحيحَ والفاسدَ في نفس الأمر.


(١) هذا هو القيد الخامس في التعريف، وهو إشارة منه إلى أن القياس لا يتحقق بغير العلّة، وهو في ذات الوقت احترز به عن إثبات الحكم بالنص أو بالإجماع، فلا يكون قياس حينئذ.
وقد عبَّر ابن السبكي في جمع الجوامع بالمساواة، ورجح الزركشي في شرح جمع الجوامع التعبير بالمساواة نقلا عن ابن السبكي بأمرين:
الأول: المناسبة للمعنى اللغوي، فإن من معانيه المساواة.
الثاني: أن الاشتراك يصدق بوجهين: احدهما: المناصفة، نقول: شارك زيد عَمرًا واشترك زيد مع عمرو في المال، وهذا ليس بمراد لهم في قولهم شارك الفرع الأصل، في علَّة الحكم؛ لأنَّ العلَّة لا تقسط عليهما حتى يكون في كل منهما بعضها. وثانيهما: المساواة كما تقول اشترك زيد مع عمرو في الإنسانية، أي تساويا فيها، وهذا هو المقصود. أما المساواة فلا يستعمل إلا في المعنى الثاني، وقد استحسن الزركشي وجهًا آخر فقال ما خلاصته: التعبير بالمساواة أولى من التعبير بالمشاركة؛ لأنَّ المشاركة في أمر ما لا توجب استواءهما في الحكم ما لم يكن ذلك الأمر فيهما سواء أو قريبًا منه، بخلاف ما لو اختلفا من الجهة التي تقتضى الحكم فإن ذلك يكون فرقًا يمنع التسوية بينهما. ويمكن أن يقال أيضًا: إنّ لفظ المشاركة أولى من لفظ المساواة؛ لأنَّ لفظ المساواة يوهم قصر القياس على المساوي وخروج الأولى والأدون.
ينظر: جمع الجوامع بحاشية البناني: ٢/ ٢٠٢، وتشنيف المسامع شرح جمع الجوامع للزركشي: ٣/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>