للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الثالثة: قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} (١) أمر بماهية الاعتبار، وهو أمر شامل لجميع أنواع الاعتبار، ومن جملة أفراده القياس، فوجب أنْ يكونَ مأمورًا به (٢).

واعترض الخصم أولًا: بأنَّا لا نسلم أنّ الاعتبار المجاوزة، بل المراد من المأمور به الاتعاظ، ودليل ذلك أنّ القياس الشرعي لا يناسب صدر الآية وهو قوله تعالى: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} (٣) فإنّه لا يقال بعد ذلك فقيسوا الذّرة على البُر؛ إذ (٤) هو حينئذ ركيك من الكلام ولا يليق بالشرع.

وأجاب عنه: بأن المراد بالاعتبار، القدرُ المشتركُ بين الاتعاظ والقياس وهو المجاوزة إذ في كلٍّ منهما معناهما (٥)، بخلاف ما لو جعلناه مختصًا بالاتعاظ فإنّه يلزم (٦) إما الاشتراك أو المجاز، وهما على خلاف الأصل، وإذا حملنا الاعتبار على مطلق المجاوزة لا يلزم الركاكة (٧)؛ لأنها إنما تلزم أن لو خصصنا الاعتبار بالقياس الشرعي وليس كذلك.


(١) سورة الحشر من الآية ٢.
(٢) هذه أدلة على صحة المقدمات الثلاث.
(٣) سورة الحشر من الآية ٢.
(٤) في (غ)، (ت): وهو.
(٥) في (ص): معناها.
(٦) في (غ)، (ت): فيلزم.
(٧) في (غ): الوكالة. وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>