للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اعترض الخصم ثانيا: بأنا سلمنا أنّ الاعتبار المجاوزة، لكن لا يلزم منه الأمر بالقياس؛ لأنَّ الآية دالة على وجوب أمر كليّ وهو مطلق الاعتبار، والدّال على ما به الاشتراك غير دال على ما به الامتياز، وغير ملتزم له، وهو معنى قوله: الدّال على الكلي لا يدل على الجزئي. ولا يلزم الأمر بالقياس الذي هو جزئي للكليّ الذي هو مطلق الاعتبار.

وأجيب: بأنّ (١) ما ذكر صحيح، ولكن هنا يقتضي العموم لوجهين.

أحدهما: وهو المذكور في الكتاب أنَّه يحسن أنْ يقول: اعتبروا إلا الاعتبار الفلاني، وقد بينّا في العموم أنّ الاستثناء يخرج ما لولاه لدخل، فوضح أنّ كلّ اعتبار داخلٌ تحت هذا اللفظ.

والثاني: أنّ ترتيب الحكم على المسمى يقتضي أنْ يكون علّة ذلك الحكم هو ذلك المسمّي، وذلك يقتضي أنّ علّة الأمر بالاعتبار كونه اعتبارًا فيلزم أنْ يكون كلّ الاعتبار مأمورًا به.

ولقائل أنْ يقول على الأول: لا نسلم جواز الاستثناء إذا فسّر بالتفسير المذكور، وهو ما لولاه لوجب دخوله؛ إذ النكرة في سياق الإثبات لا تعمّ، ثمّ ولو فسّر الاستثناء بأنَّه ما لولاه لصحّ دخوله لم يتأت (٢) ما ذكر أيضًا؛ لأنَّه ينتقض بالأمر بكلّ ماهية كليّة (٣) لا يجوز فيه هذا


(١) (بأن) ليست في (غ).
(٢) في (غ): لم يأت.
(٣) الماهية الكلية: قول القائل في الشيء ما هو؟ طلب لماهية الشيء، والماهية إنما تتحقق بمجموع الذاتيات المقومة للشيء فإذا أشار إلى خمر وقال: ما هو؟ فقولك شراب =

<<  <  ج: ص:  >  >>