للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الدّليل على أنّ التّنصيص على العلّة لا يفيد الحكم في جميع الصور باللفظ خلاف (١) ما نقله الغزالي، والآمدي عن النظام فإنّا نعلم بالضرورة من اللغة أنّ قوله: حرّمت الخمر؛ لإسكارها لا يدل على تحريم كلّ مسكر كدلالة (٢) قوله: حرّمت كلّ مسكر، وأنَّه غير موضوع لذلك بل موضوع لتحريم الخمر لعلّة إسكاره، وحرمة ما عدا الخمر من المسكرات ليس جزءًا من هذا المفهوم ضرورةً، فيجب ألا (٣) يكون دلالته على تحريم كلّ مسكر لفظية؛ لأنَّ الدلالة منحصرة في هذين النوعين عند قوم وفي دلالة المطابقة عند آخرين، ولهذا لو قال الرجل: أعتقت غانما لسواده، لم يعتق من عدا (٤) من عبيده السود، ولو قام ذلك مقام عتقت عبيدي السود لعتقوا عليه من غير اعتبار نية، ولا علم، بمقصده، وكذا لو قال: لوكيله بع سالمًا؛ لسوء خلقه.

واحتج أبو عبد الله على مذهبه بأن من ترك أكل رمّانة حامضة؛ لحموضتها وجب عليه أنْ يترك أكْلَ كلِّ رمّانة حامضة بخلاف من أكلها لحموضتها (٥).

وأجيب: بأنَّا لا نسلم أَنَّه يجب عليه ترك الكلّ، وذلك لاحتمال أن


(١) في (غ): على خلاف.
(٢) في (ص): لدلالة
(٣) في (غ): أن يكون.
(٤) (من عداه) ليس في (غ).
(٥) ينظر دليل أبي عبد الله في المعتمد: ٢/ ٢٣٥، والتبصرة: ص ٤٣٦، وتيسير التحرير: ٤/ ١١١، والحاصل: ٢/ ٨٥٩، والتحصيل: ٢/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>