للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقائل أنْ يقول: إن كان بقتله من ذوي الأنفة والأنفس الأبية، فالاستخفاف عنده أشدّ وقعًا من القتل، ولذلك (١) قتل كثير من الملوك أنفسهم، حيث أيقنوا بالأسر في يد العدو مخافةَ الاستخفاف، فهو حينئذ ناهٍ عن الأعلى آمرٍ بالأدنى.

سلمنا ذلك، ولكنّ النهي عن الاستخفاف إنما يدل على النهي عن القتل عرفًا إذا لم يتقدم ما يناقضه كما في محل النزاع، وهو صورة التأفيف وجاز أنْ يتقدم التصريح بخلاف الظاهر، فقد وضح بطلان هذا الجواب.

وأجيب أيضًا: بأن النقل خلاف الياصل، وضعفه النقشواني معتلًا بأنَّه إذا ثبت كثرة الاستعمال والتبادر إلى الفهم، فلا يفيد التمسك بهذا الأصل (٢).

الوجه الثاني: أَنَّه لو كان مستفادًا من القياس لما وافق عليه منكر القياس.

وأجاب: بأن هذا قياس جلي، ومن أنكر القياس إنما أنكر الخفي، وهو جواب ضعيف، فإن بعضهم أنكر القياس مطلقًا؛ جليًا كان أم خفيًا كما تقدم أوّل الباب، بل الجواب الصحيح أنْ يقال: إنما قال به منكر القياس؛


(١) في (ص): وكذلك.
(٢) قال النقشواني في تلخيص المحصول لتهذيب الأصول: ٢/ ٨١٩ "قوله [أي الرازي]: "إنما حكمنا فيه بالنقل العرفي ضرورة" ضعيف؛ لأنَّ الضرورة الداعية إلى الحكم بالنقل العرفي في تلك الصورة هو الاشتهار وكثرة الاستعمال حتى صار المعنى متبادرا إلى الفهم، وهذا بعينه موجود ها هنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>