للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: سلمنا الإمكان لكن لا نسلم حصوله.

قلنا: حينئذ ارتفع النزاع الأصولي ويكون الامتناع إنما هو لعدم حصول الشرائط والأركان، ونحن لا نجوز القياس في شيء بدون حصول شرائطه وأركانه. فأمّا ادعاؤكم بعد ذلك عدم حصوله فيها، فذلك إنما يثبت بعد البحث والاستقراء عن كلّ واحدة من مسائلها، فإن وجدت العلّة صحّ القياس فيها، وإلا فلا كغيرها من المسائل فلا فرق حينئذ بين مسائل هذا الباب وغيره من هذا الوجه، فيجب التسوية في جريان القياس.

قوله: الرخص منحٌ من الله تعالى.

قلنا: قال إمام الحرمين هذا هذيان، فإنَّ كلّ ما تتقلب فيه العباد من المنافع فهي منح من الله تعالى عزّ وجل، ولا يختص هذا بالرّخص (١) بل يعمّ الشرائع بأسرها، فكان ينبغي ألا يجري القياس في شيء من أحكامها.

واعلم أنّ الشافعي - رضي الله عنه - ذكر مناقضاتهم في هذا الباب، فقال: أما الحدود فقد كثرت أقيستهم فيها حتّى عدوها إلى الاستحسان، فأوجبوا الرّجم بشهود الزوايا بالاستحسان مع مخالفته للعقل، وأما الكفارات، فقاسوا الإفطار بالأكل على الإفطار بالوقاع، وقتل الصيد ناسيا على قتله عامدا (٢).

فإن قالوا: إنما أثبتنا بالاستدلال على موضع الحكم بحذف الفوارق (٣).


(١) ينظر: البرهان: ٢/ ٩٠١.
(٢) ينظر: مختصر المزني بهامش الأم: ٥/ ٢٥٩.
(٣) في (غ): بالفارق.

<<  <  ج: ص:  >  >>