وقد اختلف الأصوليون في حكاية هذا التقسيم لا فرق بين متكلمين وحنفية وغيرهم، فكل واحد منهم يحكيه بطريقة يخالف غيره فيها وإن كانوا في آخر المطاف يصلون إلى هدف واحد. ولنختر من بين هذه المدارس مدرسة ابن الحاجب، ومدرسة الآمدي ومدرسة الفخر الرازي. فمدرسة ابن الحاجب تقول عن المناسب: المناسب أربعة أقسام: مؤثر وملائم وغريب ومرسل، وذلك لأنه إما معتبر شرعًا أو لا. أما المعتبر، فإما أن يثبت اعتباره أي اعتبار عينه في عين الحكم بنص أو إجماع أو لا. بل بترتيب الحكم على وفقه، وهو ثبوت الحكم معه في المحل، فإن ثبت بنص أو إجماع اعتبار عينه في عين الحكم فهو المؤثر كالصغر لولاية المال فإن عليته ثابتة بالإجماع. وإن لم يثبت اعتبار عينه في عين الحكم بنص أو إجماع بل ثبت بترتيب الحكم على وفقه، فلا يخلو إما أن يثبت بنص أو إجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في جنس الحكم، أو عينه أو لا. فإن ثبت فهو الملائم، وإن لم يثبت فهو الغريب، وإن لم يعتبر لا بنص ولا إجماع ولا بترتيب الحكم على وفقه فهو المرسل. والمرسل ينقسم إلى ما علم إلغاؤه وإلى ما لم يعلم إلغاؤه. والثاني ينقسم إلى ملائم قد علم اعتبار عينه في جنس الحكم أو جنسه في عينه الحكم أي بنص أو إجماع. فعند ابن الحاجب الملائم نوعان: ملائم المناسب وملائم المرسل. والفرق بينهما أن الأول قد اعتبر عينه في عين الحكم بالترتيب، والثاني لم يعتبر ذلك. والغريب أيضا نوعان غريب المناسب، وغريب المرسل والفرق بينهما كالفرق بين الملائمين. =