للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا دليل على (١) أنّ ما تقدم من المناسب يفيد العليّة، وتقريره أنّا استقرينا (٢) أحكام الشرع فوجدناها على وفق مصالح العباد، وذلك من فضل الله تعالى وإحسانه لا بطريق الوجوب عليه، خلافًا للمعتزلة، فحيث ثبت حكم وهناك وصف صالح لعلية ذلك الحكم ولم يوجد غيره يحصل ظنّ أنّ ذلك الوصف علّة لذلك الحكم والعمل بالظنّ واجب.

وقد ادّعى بعضهم الإجماع على أنّ الأحكام مشروعة لمصالح العباد (٣)، قال: وذلك إما بطريق الوجوب عند المعتزلة أو الإحسان عند الفقهاء من أهل السنّة (٤) وهذه الدّعوى باطلة؛ لأنَّ المتكلمين لم يقولوا بتعليل الأحكام


(١) (على) ليس في (ت).
(٢) الاستقراء: هو تتبع جزئيات الشيء وهو قسمان:
استقراء تام: وهو الاستقراء بالجزئي على الكلي نحو كل جسم متحيز، فإنه لو استقريت جميع جزئيات الجسم من جماد وحيوان ونبات لوجدتها متحيزة. وهذا الاستقراء دليل يقيني فيفيد اليقين.
والاستقراء الناقص: هو الاستقراء بأكثر الجزئيات نحو كل حيوان يحرك فكه الأسفل عند المضغ وهذا دليل ظني فلا يفيد إلا الظن، لجواز وجود جزئي لم يستقرأ ويكون حكمه مخالفا لما استقرئ كالتمساح فإنه يحرك فكه الأعلى عند المضغ.
ينظر: الكليات: ص ١٠٥ - ١٠٦، والتعريفات: ص ١٨، ومعيار العلم: ١٦٠، والوقيف على مهمات التعاريف: ص ٦٠.
(٣) يعني به الآمدي في الأحكام: ٣/ ٤١١ فقد قال: "الفصل الثامن في إقامة الدلالة على أنّ المناسبة والاعتبار دليل كون الوصف علة وذلك لأن الأحكام إنما شرعت لمقاصد العباد. أما أنها مشروعة لمقاصد وحكم، فيدل عليه الإجماع والمعقول. . .".
(٤) ينظر الإحكام للآمدي: ٣/ ٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>