للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو سلمنا أنا (١) إذا رأينا حكمًا في أغلب صور وصف يغلب على ظننا أنَّه في جميع صور الوصف كذلك. فلقائل أنْ يقول: إنّ المعلوم فيما نحن فيه في أغلب صور الوصف إنما هو مقارنة الحكم مع الوصف لا كون الحكم معللا بذلك الوصف فإنّ هذا غير معلوم لي ولا في صورة واحدة ولا يلزم من عليّة الاقتران كونه علّة للحكم، ولو لزم ذلك لما كان الوصف بكونه علّة للحكم أولى من الحكم بأنْ يكون للوصف.

واحتج من أبطله بوجوه: أوجَهها أنّ أقيسة المعاني لم تقتض الأحكام لأنفسها وإنما تعلّق بها الصحابة إذا عدموا متعلقًا من الكتاب والسنة، فإجماعهم على ذلك ومستند العمل بالأقيسة الصحيحة كما سبق والذي تحقق لنا من مسالكهم النّظر إلى المصالح والمراشد، والاستحثاث على اعتناق محاسن الشرع.

فأمّا الاحتكام بطردٍ لا يناسب الحكم، ولا يثير شبهًا، فلم يثبت عنهم الاعتماد عليه، بل نظرهم إلى ما ذكرناه دليل على أنّهم كانوا يأبونه (٢) ولا يرونه ولو كان الطرد مناطًا لأحكام الله تعالى لما أهملوه ولا عطّلوه.

ولسنا نطيل بالردّ على القائل (٣) بالطرد ففي هذا الدليل مقنع.

وقد قال القاضي والأستاذ من طرد عن غيره فهو جاهل غبي، ومن


(١) (أنا) ليس في (غ).
(٢) في (غ): يأتونه.
(٣) في (غ)، (ت): القائلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>