للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اعترض النقشواني على قوله: إبطال حياة الشخص الواحد أمر واحد بالمنع. وفيه نظر، ثمّ بعد التسليم بأنّك لم قلت أنّ ما يكون طريقًا إلى الشيء يجب أنْ يكون واحدًا؛ لأنَّ الحكم الذي كلامنا فيه ليس نفس إبطال حياة الشخص بل الطريق إليه. ألا ترى أنّ حياة الشخص الواحد يمكن إبطالها بضرب عنقه وقدّه نصفين، وأمور لا تعدّ فيما نحن فيه. لم ادعيت أنّه ليس كذلك فإنّ إباحة القتل بالردّة هو طريق واحد إلى إبطال الحياة وحكمه أنْ يقتله الإمام ما لم يتب، وليس له إسقاطه وإباحته بالقصاص أنْ يتمكن الولي من قتله بمثل الطريق التي صدرت عنه أو بالسيف، وله العفو وإباحته بالزنا أن يرجم ولا يتبع إذا هرب ولا يسقط فهذه طرق مختلفة غير أنّها اشتركت في أمر واحد وذلك لا يوجب اجتماع العلل على حكم واحد.

وأيضًا عصمة دم المرء حكم شرعي وهو مشروط بأمور منها الإسلام ويضاده الكفر ومنها العفة ويضادها الزنا ومنها العدل ويضاده القتل (١) ظلما ويختل كلّ واحد منها بواحد من هذه الأفعال (٢).

وكما قال إمام الحرمين لن يعدم الآنس بالفقه استمساكًا من تقدير التعدد في الموجبات بوجوه ترشد إلى التغاير والاختلاف (٣)

ونظير هذا في الأمور العقلية أنّ حياة الشخص الواحد مشروطة


(١) (الكفر ومنها العفة ويضادها الزنا ومنها العدل ويضاده القتل) ساقط من (غ).
(٢) ينظر: تلخيص المحصول لتهذيب الأصول للنقشواني: ٢/ ٩٠٠ - ٩٠١.
(٣) ينظر: البرهان للجويني: ٢/ ١٠٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>