للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنقول: ما ذكرناه من المثال لا عهد به في الشريعة قال الغزالي: "فلا يبعد أنْ يؤدي إليه اجتهاد مجتهد فنقول هذا الأسير مقتول بكل حال لأنا لو كففنا عن الترس لسلطنا الكفار على جميع المسلمين فيقتلونهم ثم يقتلون الأسارى أيضًا، فحفظ المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع لأنا على قطع نعلم أنّ الشرع يقصد تقليل القتل كما يقصد حسم سبيله عند الإمكان، فإن لم نقدر على الحسم فقد قدرنا على التقليل وكان هذا التفاتا إلى مصلحة علم بالضرورة كونها مقصودة بالشرع لا بدليل واحد بل بأدلة خارجة عن الحصر ولكن تحصيل هذا المقصود بهذا الطريق وهو قتل من لم يذنب لم يشهد له أصل معين فينقدح اعتبار هذه المصلحة باعتبار الأوصاف الثلاثة وهي كونها ضرورية قطعية كلية، فليس في معناها ما لو تترس الكفار في قلعة بمسلم بأنّه لا يحل رمي الترس إذ لا ضرورة بنا إلى أخذ القلعة فيعدل عنها وليس في معناها إذا لم يقطع بظفرهم بنا (١) فإنها ليست قطعية بل ظنية". كذا قال الغزالي (٢) وهو إشارة إلى اعتبار القطع بحصول المصلحة، وفي اشتراط القطع به وعدم الاكتفاء بالظنّ الغالب نظر.

وقد حكى الأصحاب في مسألة الترس وجهين من غير تصريح منهم باشتراط القطع، وعللوا وجه المنع بأنّ غاية الأمر أن نخاف على أنفسنا،


(١) (إلى أخذ القلعة فيعدل عنها وليس في معناها إذا لم يقطع بظفرهم بنا) ساقط من (غ).
(٢) ينظر: المستصفى: ١/ ٢٩٤ - ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>