للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودم المسلم لا يباح بالخوف. وهذا تصريح بجريان الخلاف في صورة الخوف ولا قاطع فيه.

وقد يقال: إنّ المسألة في حالة القطع مجزوم باعتبارها والخلاف إنما هو في حالة الخوف.

وقد صرح الغزالي بذلك في المستصفى وقال: "إنّه إنما يجوز ذلك عند القطع أو ظنّ قريب من القطع. وليس في معناها جماعة في سفينة لو طرحوا واحدًا لنجوا وإلا غرقوا بجملتهم لأنها ليست كلية إذ يحصل بها هلاك عدد محصور. ولعل مصلحة الدين في بقاء من طرح أعظم منها في بقاء من بقي ولأنه ليس يتعين واحد للإغراق إلا أن يعين بالقرعة ولا أصل لها في الشرع، وكذلك جماعة في مخمصة لو أكلوا واحدًا بالقرعة لنجوا فلا رخصة فيه، وليس في معناها قطع اليد للأكلة حفظًا للروح فإنّه ينقدح الرخصة فيه؛ لأنه إضرار به (١) لمصلحته (٢) وقد شهد الشرع بالإضرار لشخص في قصد صلاحه كالفصد والحجامة وغيرهما. وكذلك قطع المضطر فلقة من فخذه إلى أن يجد الطعام هو كقطع اليد لكن ربما يكون القطع سببًا ظاهرًا في الهلاك ويكون الخوف منه كالخوف في ترك الأكل أو أشدّ فيمنع منه وليس كذلك ما إذا كان الخوف منه دون الخوف من ترك الأكل فإنه يجوز على الأصح بشرط أنْ لا يجد شيئا غيره" (٣).


(١) (به) ليس في (ت).
(٢) (لمصلحته) ليس في (غ).
(٣) ينظر: المستصفى: ١/ ٢٩٦ - ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>