للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصالح بالشروط التي سردناها، وبان لك أنّ الاستصلاح ليس أصلًا (١) خامسا برأسه بل من استصلح فقد شرع. كما أنّ من استحسن فقد شرع.

فلنلتفت إلى الكلام مع إمام دار الهجرة مالك - رضي الله عنه - حيث اعتبر جنس المصالح مطلقًا، وقد نقل ناقلون هذا عن الشافعي رحمه الله ولم يصحّ عنه، والذي نقله عنه إمام الحرمين أنَّه لا يستجيز التنائي والإفراط في البعد وإنما يسوغ تعليق الأحكام بمصالح يراها شبيهة بالمصالح المعتبرة وفاقا، وبالمصالح المستندة إلى أحكام ثابتة الأصول قارّة في الشريعة.

واختار إمام الحرمين ذلك أو نحوًا منه وإذا حقق التفصيل الذي ذكرناه عن الغزالي لم يكن بعيدًا من هذا.

إذا عرفت هذا فنقول: قال إمام الحرمين: الذي ننكره من مذهب مالك ترك رعاية ذلك وجريانه على استرساله في الاستصواب من غير اقتصاد، ونحن نعرض على مالك واقعة وقعت نادرة لا يعهد مثلها، ونقول له: لو رأى ذو نظر فيها جدع أنف أو اصطلام شفة وأبدى رأيًا لا تنكره العقول صائرًا إلى أنّ العقوبات مشروعة لحسم الفواحش وهذه العقوبة لائقة بهذه النازلة للزمك التزام هذا؛ لأنك تجوز لأصحاب الإيالات القتل (٢) في التّهم العظيمة حتى نقل عنك الثقات أنك قلت: قتل ثلث الأمّة في استبقاء ثلثيها.


= بين الأسطر ويعبر بقلت: بعد فإن قيل وهو من باب الزيادة في الإيضاح والشرح.
(١) في (غ): اصلاحًا.
(٢) في خ: العقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>