للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ إنّا نقول له ثانيا: أيجوز التعلق (١) بكل رأي فإنْ أبى ذلك لم نجد مرجعا يفرّ عنه إلا ما ارتضاه الشافعي من اعتبار المصالح المشبهة بما علم اعتباره، وإن لم يذكر ضابطًا وصرح بأنّ ما لا نص فيه (٢) ولا أصل له فهو مردود إلا الرأي واستصواب ذوي العقول، فهذا الآن اقتحام عظيم وخروج عن الضبط كما ذكر القاضي أبو بكر (٣) حيث قال: المعاني إذا حصرتها الأصول وضبطتها المنصوصات كانت منحصرة في ضبط الشرع فإذا لم يشترط استنادها إلى الأصول لم تنضبط ويتسع الأمر ويرجع إلى اتباع وجوه الرأي واقتفاء أثر حكمة الحكماء ويصير ذوو الأحلام بمثابة الأنبياء حاش لله ثمّ (٤) لا ينسب ما يرونه إلى رِبقة الشريعة وهذه ذريعة في الحقيقة إلى إبطال أبهة الشريعة ومصير إلى أنّ كلا يفعل ما يرى ثم يختلف ذلك باختلاف الزمان والمكان وأصناف الخلق وهو في الحقيقة خروج عمّا درج عليه الأولون (٥).

وألزم إمام الحرمين مالكًا - رضي الله عنه - أنْ قال بالتمسك بكل رأي من غير قرب ومداناة بأن العاقل ذا الرأي العالم بوجوه الإيالات إذا راجع (٦) المفتيين في واقعة فأعلموه أنها ليست منصوصة ولا أصل يضاهيها بأن


(١) في (غ): التعليق.
(٢) (فيه) ليس في (ت).
(٣) ينظر: البرهان: ٢/ ١١١٩.
(٤) (ثم) ليس في (غ).
(٥) ينظر: البرهان: ١/ ١١١٥.
(٦) في جميع النسخ: (رجع)، والمثبت من البرهان: ٢/ ١١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>