للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا أنّ المجتهد لا يعمل به فللقوم منعُ (١) ذلك وأنْ يقولوا: إذا انقدح له دليل على حادثة وهو جازم بها أفتى بها المقلد.

ولكن سبيل الردّ عليهم أنْ يقول: هذا الدليل المنقدح في نفس المجتهد إنما يمتاز عن غيره من الأدلة لكونه لا يمكن التعبير عنه وذلك أمر لا يؤول إلى القدح في كونه دليلا فجاز التمسك به وفاقًا فأين الاستحسان المختلف فيه؟ .

المقالة الثانية: قال الكرخي: الاستحسان قطع المسألة عن نظائرها. أي أنّ المجتهد يعدل عن الحكم في مسألة بما حكم به في نظائرها إلى الحكم بخلافه لوجه أقوى من الأوّل يقتضي العدول عنه (٢).

ومثاله: تخصيص أبي حنيفة - رضي الله عنه - قول القائل: مالي صدقة بمال الزكاة، فإنّ هذا القول منه عام في التصدق بجميع أمواله. وقال أبو حنيفة: يختص بمال الزكاة لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} (٣) والمراد من الأموال المضافة إليهم أموال الزكاة فعدل عن أنْ يحكم في مسألة (٤) المال الذي ليس هو بزكوي بما حكم به في نظائرها من الأموال الزكوية إلى خلاف ذلك الحكم لدليل أقوى اقتضى


(١) في (ت): منع في ذلك.
(٢) ينظر: كشف الأسرار: ٤/ ٣، والتلويح على التوضيح: ٢/ ٨١، والإحكام للآمدي: ٤/ ٢١٠.
(٣) سورة التوبة من الآية: ١٠٣.
(٤) في (غ): في مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>