للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قلنا: إنّه فيه متوقف، وأنّه دليل على غزارة العلم، والمنتهى في الديانة، وفيه من الفوائد التنبيه على المآخذ، وانحصار جهتها في ذينك القولين، ولذلك جعل عمر - رضي الله عنه - الأمر شورى في ستة، ولم ينص على واحد بعينه، وكان قصده أنّ الخلافة لا تعدوهم، ولو لم يفاجئه هاذمُ اللذات (١)، لميز الأصحّ عن غيره.

فإن قلت: فلا معنى لقولكم في هذا القسم للشافعي في هذه المسألة قولان؛ إذ ليس له (٢) على ما زعمتم في مثل هذه المسائل قولٌ واحد، ولا قولان، بل هو متوقف غير حاكم بشيء.

قلت: قال إمام الحرمين في التلخيص: هكذا القول ولا نتحاشى منه وإنما وجه الإضافة إلى الشافعي ذكره لهما واستقصاؤه وجوه الأشباه فيهما (٣).

وقد كان الشافعي رضوان الله عليه حديث السنّ، لم تتسع مهلته كثيرًا لآلام لم تطل راحته ولا يشغله ذلك عمّا هو فيه من حياطة الدّين والنظر المتين والانجماع على طرائق المتقين (٤).


(١) ومفرق الجماعات كناية عن الموت. وهذم من باب ضرب، هذمت الشيء أهذمه أي قطعته بسرعة ومن أكثروا هاذم اللذات. المصباح المنير: ص ٦٣٦ "هذم" ..
(٢) (له) ليس في (غ).
(٣) ينظر: التلخيص للجويني: ٣/ ٤٢١، وينظر: تشنيف المسامع للزركشي: ٣/ ٤٨٢، والبحر المحيط له: ٦/ ١٢٠.
(٤) في (ت): اليقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>