للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم إذا اجتمع مزية الثقة وقوة العدد بأن روى أحد الخبرين ثقة وروى الآخرَ جمع لا يبلغ آحادهم مبلغ راوي الخبر إلا في الثقة والعدالة فهذه صورة أخرى (١).

وقد اعتبر بعض أهل الحديث مزيد العدد، وبعضهم مزيد الثقة (٢).

قال إمام الحرمين: والمسألة لا تبلغ مبلغ القطع والغالب على الظن التعلق بمزية الثقة، فإن الذي يغلب على الظنّ (٣) أنّ الصدّيق - رضي الله عنه - لو روى خبرًا وروى جمع على خلافه لكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجمعين يؤثرون رواية الصديق (٤) انتهى.

وأبلغ قول في ذلك ما ذكره الغزالي من أنّ الاعتماد في ذلك على ما غلب على ظنّ المجتهد فإنّ الكثرة وإنْ قوّت الظنّ فرب عدل أقوى في النفس من عدلين ويختلف ذلك باختلاف الأحوال والرواة، وأمّا تقديم خبر الصديق رضوان الله عليه فلأنّ الظنّ الحاصل بخبره أقوى من الحاصل بخبر الجمع الكثير وقد لا يتأتى ذلك في غيره.

ومن صور مسألة الكتاب أيضًا إذا انضم إلى أحد الخبرين قياس، والذي ارتضاه الشافعي - رضي الله عنه - تقديم الحديث الذي وافقه القياس؛ لأنَّ الترجيح يجوز بما يوجب تغليب الظنّ تلويحًا مع أنّ مجرد التلويح لا يستقل


(١) ينظر: البرهان للجويني: ٢/ ١١٦٨.
(٢) ينظر: المصدر نفسه: ٢/ ١١٦٨.
(٣) (التعلق بمزية الثقة فإن الذي يغلب على الظنّ) ساقط من (غ).
(٤) ينظر: البرهان للجويني: ٢/ ١١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>