للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقديم الأوّل على الثاني، أمّا إذا لم يدل الثاني لا على القوّة ولا على الضعف فمن أين يجب تقديم الأول عليه؟ (١).

واعترض عليه بأنّ المشعر بعلو شأن الرسول معلوم التأخر أو مظنونه وما (٢) لم يشعر بذلك مشكوك فيه فليرجح الأول (٣).

وثالثها: يرجح المتضمن للتخفيف على المتضمن للتغليظ؛ لأنَّه أظهر تأخرًا فإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغلظ في ابتداء أمره زجرًا لهم عن عوائد الجاهلية، ثمّ مال إلى التخفيف، هكذا ذكره صاحب الحاصل (٤) واتبعه المصنف.

والحقّ خلافه (٥)؛ فإنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرأف بالنّاس ويأخذهم شيئا


(١) ينظر: المحصول للرازي: ج ٢/ ق ٢/ ٥٦٨.
(٢) في (ص): ومن.
(٣) هذا الاعتراض والجواب عنه للصفي الهندي.
ينظر نهاية الوصول للصفي الهندي: ٨/ ٣٦٩٧.
(٤) ينظر: الحاصل: ٢/ ٩٨٢.
(٥) وهو ما رجحه أيضا في رفع الحاجب. يقول السبكي في رفع الحاجب شرح مختصر ابن الحاجب اللوحة ٣١٥/ ب: "فإن كان في أحد الخبرين تشديد دون الآخر وكان أحدهما أشد قدم لتأخير التشديدات فإن الدّين كانت قوته تزداد شيئًا فشيئًا وكان - صلى الله عليه وسلم - لرأفته بالخلق وتدريجه إياهم لا ينذر بالتغليظ بل يلوح ويعرض ثم يصرح، والقرآن أكثره هكذا وانظر آيات تحريم الخمر، واختيار صاحب التحصيل تاج الدين الأرموي أن المتضمن للتخفيف أرجح، وتبعه البيضاوي في المنهاج وهو شيء ذكره الإمام الرازي بحثا، والأرجح خلافه والله أعلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>