للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فشيئا ولا يبدر بالتغليظ، وهذا دأب الشرع يلوح، ثمّ يعرض ثم يصرح والقرآن أكثره هكذا وانظر إلى آيات تحريم الخمر (١) وغيرها.

وقد صرح الآمدي بما ذكرناه، وقال: احتمال تأخر التشديد أظهر (٢)، وتبعه ابن الحاجب (٣) والإمام ذكره على سبيل الاحتمال بعد أنْ ضعّف الأول (٤).

ونحن لا ريب عندنا (٥) فيه كيف، وسيأتي إن شاء الله تعالى أنّ المحرِّم مرجح على المبيح.


(١) فآيات التحريم جاءت متدرجة في التحريم. قال بعض المفسرين: إن الله تعالى ما خلق شيئًا من الكرامة والبرّ إلا أعطاه هذه الأمة ومن كرامته وإحسانه أنه لم يوجب عليهم الشرائع دفعة واحدة، ولكن أوجب عليهم مرة بعد مرة، فكذلك تحريم الخمر فأول آية نزلت قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [سورة البقرة من الآية ٢١٩]، ثم بعده: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [سورة النساء من الآية ٤٣] ثم قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [سورة المائدة من الآية ٩١]، ثم قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [سورة المائدة من الآية ٩٠].
ينظر: جامع الأحكام الفقهية للإمام القرطبي من تفسيره جمع فريد الجندي: ٣/ ٢٧٩.
(٢) ينظر: الإحكام للآمدي: ٤/ ٣٥٧ - ٣٥٨.
(٣) ينظر: مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: ٢/ ٣١٦، ورفع الحاجب للسبكي: اللوحة ٣١٥/ ب.
(٤) ينظر: المحصول للرازي: ج ٢/ ق ٢/ ٥٧١.
(٥) من ترجيحات السبكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>