للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسامة: "لم يصل فيه" (١).

ونقل إمام الحرمين هنا عن جمهور الفقهاء ترجيح الإثبات، ثم قال: وهو يحتاج إلى مزيد تفصيل عندنا، فإنْ كان الذي ينقله الناقل إثبات لفظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقتضاه النفي، فلا يرجح على ذلك اللفظ المتضمن للإثبات؛ لأنَّ كلّ واحد من الراويين مثبت فيما ينقله.

ومثاله أن ينقل أحد الراويين أنَّه أباح شيئا وينقل الآخر أنَّه قال لا يحل، وأمّا إذا نقل أحدهما قولًا أو فعلًا ونقل الآخر أنَّه لم يقله ولم يفعله فالإثبات مقدم، لأنَّ الغفلة تتطرق إلى المصغي المستمع وإن كان محدثًا، والذهول عن بعض ما يجري أقرب من تخيل شيء لم يجر له ذكر (٢).

وهذا التفصيل حق ولا يتجه معه خلاف في الحالتين بل ينبغي حمل كلام القائل بالاستواء على الحالة الأولى. والقائل بتقديم الإثبات على الثانية، ولا يجعل في المسألة خلاف.

نعم قد يقال في الحالة الثانية بعدم ترجيح الإثبات إذا كان النفي


(١) أخرجه مسلم في صحيحه: ص ٥٢٥، عن ابن جريج قال: "قلت لعطاء: أسمعت ابن عباس يقول: إنما أمرتم بالطواف ولم تؤمروا بدخوله؟ قال: لم يكن ينهى عن دخوله، ولكني سمعته بقول: أخبرني أسامة بن زيد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل البيت دعا نواحيه كلّها، ولم يصلِّ فيه، حتى خرج فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين، وقال هذه القِبْلَة. . ." كتاب الحج (١٥) باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره والصلاة فيها والدعاء في نواحيها كلّها (٦٨) رقم (٣٩٥/ ١٣٣٠).
(٢) البرهان للجويني: ٢/ ١٢٠٠ - ١٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>