للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم عن الله تعالى، لأنَّ ما فوض إليه من أمر (١) الله تعالى لا يكون منقولًا عن الله تعالى.

وقد يفرق بين الحكم والفتيا بوجه آخر وهو أنّ الفتيا لقبل النسخ دون الحكم فإنّه لا يقبل إلا النّقض عند ظهور بطلان ما رتّب عليه الحكم، وهذا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمّا بعده فالفتيا لا تقبل النسخ لتقرر الشريعة.

وأما الرسالة من حيث هي فلا تقبل النسخ ولا النقض.

وأما النبوة فهي الإيحاء لبعض الخلق بحكم الشيء له يختص به كما أوحى الله لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} (٢).

فهذا تكليف يختص به. قال: العلماء فهذه نبوة وليست برسالة فلما نزل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ} (٣) كان هذا رسالة؛ لأنّه تكليف يتعلق بغير الموحى إليه فوضح لك بهذا أنّ كلّ رسول نبي من غير عكس.

وأما تصرفه - صلى الله عليه وسلم - بالإمامة فهو وصف زائد على النبوة والرسالة والفتيا والقضاء؛ لأنّ الإمام هو الذي فوضت إليه السياسة العامة في الخلائق


(١) (أمر) ليس في (ت).
(٢) سورة العلق الآية ١ - ٢.
(٣) سورة المدثر الآية ١ - ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>