للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب مالك رحمه الله إلى خلاف ذلك، وقال: إنه - صلى الله عليه وسلم - تصرف في قضية هند بالقضاء (١).

وجعل بعضهم هذه القضية أصلًا في القضاء على الغائب وهو ضعيف؛ لأنَّ أبا سفياد كان حاضرًا في البلد ظاهرًا لا يمتنع عن الحضور إذا طلبه النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقضاء لا يتأتى على من هو بهذه المثابة على الصحيح من المذهب (٢).

واستنبط القاضي الحسين من كونه تصرفًا بالقضاء أنَّه يجوز أنْ يسمع


(١) ينظر: التمهيد لابن عبد البر: ٢٢/ ٢٢٠، والتاج والإكليل للمواق حاشية على الحطاب: ٦/ ١١٩.
(٢) قال النووي في روضة الطالبين: ٤/ ٢٣٨ ". . . بيان جواز القضاء لحاضر على غائب، والأصل فيه قوله - صلى الله عليه وسلم - لهند: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" وهو قضاء منه على زوجها وهو غائب، ولو كان فتوى لقال لها لك أن تأخذي أو لا بأس عليك أو نحوه ولم يقل خذي. وقول عمر رضي الله عنه في خطبته: "من كان له على الأسيفع بالفاء المكسورة دين فليأتنا غدا فإنا بايعوا ماله وقاسموه بين غرمائه وكان غائبا". قال ابن حجر في فتح الباري: ٩/ ٥١٠ وما بعدها "وذكر النووي أن جمعا من العلماء من أصحاب الشافعي ومن غيرهم استدلوا بهذا الحديث لذلك حتى قال الرافعي في القضاء على الغائب احتج أصحابنا على الحنفية في منعهم القضاء على الغائب بقصة هند وكان ذلك قضاء من النبي - صلى الله عليه وسلم - على زوجها وهو غائب قال النووي ولا يصح الاستدلال لأن هذه القصة كانت بمكة وكان أبو سفيان حاضرًا بها وشرط القضاء على الغائب أن يكون غائبا عن البلد أو مستترا لا يقدر عليه أو متعززا ولم يكن هذا الشرط في أبي سفيان موجودًا فلا يكون قضاء على الغائب بل هو إفتاء وقد وقع في كلام الرافعي في عدة مواضع أنه كان إفتاء اهـ".

<<  <  ج: ص:  >  >>