للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل قتيلا فله سلبه" (١).

قال بعض العلماء هذا تصرف منه - صلى الله عليه وسلم - بالإمامة فلا يجوز لأحد أنْ


= لا فتيا، التعبير بصفة الأمر حيث قال لها: خذي، ولو كان فتيا لقال مثلا: لا حرج عليك إذا أخذت؛ ولأن الأغلب من تصرفاته - صلى الله عليه وسلم- إنما هو الحكم، ومما رجح به أنه كان فتوى وقوع الاستفهام في القصة في قولها هل عليَّ جناح؟ ولأنه فوض تقدير الاستحقاق إليها، ولو كان قضاءً لم يفوضه إلى المدعى؛ ولأنّه لم يستحلفها على ما ادعته ولا كلفها البينة. والجواب أن في ترك تحليفها أو تكليفها البينة حجة لمن أجاز للقاضي أنْ يحكم بعلمه فكأنه - صلى الله عليه وسلم - علِم صدقها في كل ما ادعت به، وعن الاستفهام أنه لا استحالة فيه من طالب الحكم وعن تفويض قدر الاستحقاق أن المراد الموكول إلى العرف كما تقدم.
تنبيه: أشكل على بعضهم استدلال البخاري بهذا الحديث على مسألة الظفر في كتاب الأشخاص حيث ترجم له قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه واستدلاله به على جواز القضاء على الغائب لأن الاستدلال به على مسألة الظفر لا تكون إلا على القول بأن مسألة هند كانت على طريق الفتوى والاستدلال به على مسألة القضاء على الغائب لا يكون إلا على القول بأنها كانت حكما.
والجواب أن يقال: كل حكم يصدر من الشارع فإنه ينزل منزلة الإفتاء بذلك الحكم في مثل تلك الواقعة فيصح الاستدلال بهذه القصة للمسألتين والله أعلم. ."
(١) أخرجه البخاري في صحيحه: ص ٨١٥ كتاب المغازي (٦٤)، باب قول الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} رقم (٤٣٢١)، وأخرجه مسلم في صحيحه: ٧٢٦ - ٧٢٧، كتاب الجهاد والسير (٣٢)، باب استحقاق القاتل سلب القتيل (١٣) رقم (٤١/ ١٧٥١). والسَّلْبُ: هو فرس المحارب المقتول وسرجه، ولجامه، وكل ما عليه من لباس وحلية وكل ما على المقتول من سلاح أو مال في نطاقه أو في يده أو كيفما كان. ينظر: المصباح المنير: ص ٢٨٤ مادة: "سلب"، والتوقيف على مهمات التعاريف: ص ٤١١، والتعريفات للجرجاني: ص ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>