واحتج المصنف على الجواز بأنّه لا يمتنع أنْ يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: لقد أوحي إليَّ أنّك مأمورٌ بأنْ تجتهدَ أو بأنْ تعملَ على وِفْقِ ظنّك.
واحتج المانعون بأنّ الاجتهاد في معرض الخطأ والنّص آمن منه وسلوك السبيل المخوف مع القدرة على سلوك السبيل الآمن قبيح عقلًا.
وأجاب عنه تبعا للإمام: بأنّ الشَّرع لا قال له: أنت مأمورٌ بأنْ تجتهد، وتعمل على وفق ظنّك كان آمنا من الغلط؛ لأنّه بعد الاجتهاد يكون آتيًا بما أمر به وهو ضعيف، فإنّ الإذن في الاجتهاد لا يمنع وقوع الخطأ فيه.
وقد يقال: في تقرير الجواب إنَّه بالأمر صارَ آمنًا من الخطأ بفعل الاجتهاد أي يكون فعله الاجتهادَ صوابًا لا أنَّه يأمن من تأدية الاجتهاد إلى الخطأ. وإذا كان الإقدام على الاجتهاد صوابًا فلا عليه أنْ يخطئ بعد إتيانه بما أمر به.
وأجيب عنه أيضًا: بأنّا لا نسلم أنَّه قادر على التوصل إلى النّص؛ وذلك لأنَّ ورود النّص ليس باختياره ومسألته بل جاز أنْ يسأل عن القضية ولا يرد فيها نصّ بل يؤمر بالعمل فيها بالظنّ ولا يمكنكم نفي هذا الاحتمال إلا إذا أثبتم نفي جواز الاجتهاد، فبيان نفي جواز الاجتهاد بناءً على نفي هذا الاحتمال دور.
واعلم أنّ الإمام قال: الخوض في هذه المسألة قليل الفائدة؛ لأنّه لا ثمرة له في الفقه.