للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (لأنَّ الاجتهاد مسبوق بالدلالة لأنّه طلبها والدلالة متأخرة عن الحكم فلو تحقق الاجتهادان (١) لاجتمع النقيضان ولأنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "من اجتهد فأصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر").

هذان وجهان (٢) استدل بهما على اختياره:

أحدهما: أنّ الاجتهاد مسبوق بدلالة الدليل على الحكم؛ لأنّه عبارة عن طلب دلالة الدليل على الحكم، والطلب مسبوق على المطلوب، فيكون الاجتهاد متأخرًا عن الدلالة، والدلالة متأخرة عن الحكم بها؛ لأنها نسبة بين الدليلين الذي هو المطلوب، والمدلول الذي هو الحكم، والنسبة متأخرة عن كلّ واحد من الأمرين؛ لتوقف تحققها على تحققهما، فيلزم منه أنْ يكونَ الاجتهادُ متأخرًا عن الحكم بمرتبتين؛ لتأخره عن الدلالة المتأخرة عن الحكم، فلو تحقق الاجتهادان أي كان كلّ مجتهد مصيبًا لاجتمع النقيضان (٣) لاستلزامه ثبوت حكمين متناقضين (٤)


(١) في (غ): الاجتهاد.
(٢) الأول عقلي، والثاني نقلي.
(٣) (النقيضان) ليس في (ت).
(٤) وذلك لأن الإثبات والنفي نقيضان ليس بينهما واسطة، ومتى اختلف المجتهدون فأحدهم مثبت، والآخر ناف قطعًا، ولا ثالث، والإثبات والنفي لا يجتمعان في الواقع في آن واحد. فأحدهما حق ثابت بيقين، والآخر باطل غير متحقق بيقين، فكان الحق بهذا المعنى واحدًا لا تعدد فيه بيقين، فمن أصابه فهو المصيب، ومن لا يصيبه فهو المخطئ.
أفاده المطيعي في حاشيته على الإسنوي: ٤/ ٥٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>