للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإمَّا أن يتغير بعد قضاءِ القاضي بمقتضى الاجتهاد الأوّل المقتضي لصحة النّكاح، فلا ينقض بالاجتهاد الثاني، بل يبقى على النكاح.

وإمَّا أنْ يتغير قبل القضاء بالصّحة، فيجب عليه مفارقتها؛ لأنَّ الظنّ المصاحب له الآن قاضٍ بأنّ اجتهاده الأوّل خطأ فليعمل به.

وهذا ما أراده المصنف بقوله: "وينتقض قبله" ومراده بالنّقض: ترك العمل بالاجتهاد الأوّل، وإلّا فالاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، وهذا فيما إذا


= الأول: المجتهد إذا أدَّى اجتهاده إلى حكم في حقّ نفسه ثم تغيَّر اجتهاده، كما إذا أدى اجتهاده إلى أن الخلع فسخ، فنكح امرأة خالعها ثلاثًا، ثم تغير اجتهاده إلى أنه طلاق، فإن حكم حاكم قبل تغير اجتهاده بصحة ذلك النكاح بقي صحيحًا لأن حكم الحاكم في المسائل الاجتهادية لا ينقض، وإن لم يحكم بها حاكم قبل تغير اجتهاده لزمه تسريحها، ولم يجز له إمساكها على خلاف اجتهاده؛ لأنه حينئذ يكون مستديما لحرمة الاستمتاع بها نظرًا إلى اعتقاده.
الثاني: إذا أفتى المجتهد على وفق اجتهاده للعامي، فعمل العاميّ بذلك، وبقي مستديمًا عليه، كما إذا أفتاه بجواز نكاع المختلعة ثلاثًا، ثم تغير اجتهاده إلى أن الخلع طلاق، فإن حكم حاكم بصحة النكاح قبل تغير اجتهاده، فالحكم ما سبق في حق المجتهد، وإن لم يحكم بها حاكم فقد اختلفوا: والأظهر أنه يجب عليه تسريحها، كما في المجتهد في حق نفسه، وكما لو قلد من ليس له أهلية الاجتهاد في القِبلة لمن له أهلية الاجتهاد فيها، ثم تغير اجتهاده إلى جهة أخرى في أثناء صلاة المقلد له، فإنه يجب عليه أن يتحول إلى الجهة التي تغير اجتهاد متبوع إليها تنزيلًا له منزلة متبوعه، ومنهم من لم يوجب ذلك لزعمه أنه يؤدي إلى نقض الاجتهاد بالاجتهاد وهو ممتنع. ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي: ٨/ ٣٨٨٠. بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>