للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثالث: أن يكون له من الممارسة والتتبع لمقاصد الشريعة ما يُكسبه قوةً يَفْهم منها مراد الشرع من ذلك، (وما يناسب) (١) أن يكون حُكمًا له في ذلك المحل، وإن لم يصرِّح به كما أنَّ مَنْ عاشر ملكًا، ومارس أحوالَه، وخَبَر أمورَه، إذا سُئل عن رأيه في القضية الفلانية يغلب على ظنه ما يقوله فيها، وإن لم يصرِّح له به، لكن لمعرفته (٢) بأخلاقه وما يناسبها من تلك القضية. فإذا وصل الشخص إلى هذه الرتبة، وحصل على الأشياء الثلاثة فقد حاز رتبة الكاملين في الاجتهاد.

ولا يُشترط العلمُ بأحوال الرواة من حيث هو، فإن الصحابة كانوا مجتهدين، ولم يحتاجوا إلى ذلك، وإنما الذين بعدهم يحتاجون إلى ذلك في إيقاع الاجتهاد لا في حصول الصِّفة لهم، وكذلك العلم بمواقع الإجماع والاختلاف. وكان محل الكلام على هذا في أواخر الكتاب، ولكنا تعجلناه هنا. ومن المعلوم أن الصحابة كانوا أكمل الناس في هذه الأشياء الثلاثة.

أما الأول: فبطباعهم.

وأما الثاني والثالث: فلمشاهدتهم الوحي ومعرفتهم بأحوال النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ولما كان الفقه مستندًا إلى الكتاب والسنة، ويحتاج الفقيه في أخذه منهما إلى قواعد، جُمعت تلك القواعد في علمٍ وسُميت "أصول الفقه"، وهي تسمية صحيحة مطابقة؛ لتوقف الفقه عليها، وتلك القواعد منها ما


(١) في (ت): "أو ما يناسب".
(٢) في (ص): بمعرفته.

<<  <  ج: ص:  >  >>