للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبصره مباين لسمعهم (وبصرهم وعلمهم) (١)، فتنزيه كثير من الجهال يحتاج إلى تنزيه، ومجامع التقديس أن نقدِّسه عن الشركاء والأضداد (٢) والنظير والولد، وإحاطة الأبصار (٣)، والحاجة إلى غيره، وغير ذلك مما (٤) يستحيل عليه.

وأكثر الناس يعتقدون أنَّ معنى القدوس: الطاهر، ولا شك أَنَّه يدل على ذلك، ولكنه ليس كل معناه، فإنَّ بناء "طاهر" لازم، و"قدوس" مأخوذ من فعل متعد (٥)، فمعناه: مطهِّر، بكسر الهاء، أي: أنَّه تعالى مُقَدِّس لنفسه بإخباره عنها بالتوحيد والإجلال والإكرام، واستحالةِ النقائص عليه، وعَجْزِ الأوهام عنه، وخالقُ الأدلة على ذلك (٦). ومُقَدِّس لخلقه عن اعتقادهم فيه ما لا يليق بذاته. والأول صفة ذات، والثاني


(١) في (ت): "وعلمهم وبصرهم".
(٢) الأضداد جمع ضد: وهو النظير والكفء. المصباح: ٢/ ٤.
(٣) يعني: أن أبصار المؤمنين وإن رأت المولى عز وجل في الآخرة في عَرَصات يوم القيامة، وفي الجنة - جعلنا الله والمسلمين من أهلها - إلا أنها رؤيةٌ لا إحاطةٌ، فإن معرفة كُنْه حقيقة المولى عز وجل، وعظمته وجلاله على ما هو عليه غير ممكن للبشر ولا للملائكة ولا لشيء، ولهذا قال تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} أي: لا تحيط به، {وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}. سبحانه وتعالى، وتقدس وتنزه عما يقوله الظالمون علوًا كبيرًا. انظر: تفسير ابن كثير: ٢/ ١٦١، ١٦٢. فتح القدير: ٢/ ١٤٨.
(٤) في (ص): "ما".
(٥) وهو: قَدَّس أي: طَهَّر.
(٦) قوله: "وخالق الأدلة": معطوف على قوله: "بإخباره عنها". يعني: مقدِّس لنفسه بإخباره عنها. . .، ومقدِّس بكونه خالقًا للأدلة على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>