للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى تقديس (١) الله: تنزيهه عن (٢) كل ما لا يليق بكماله سبحانه وتعالى، فننزهه عن كل وصف يُدركه حس، أو يصوِّره (خيال وَهْم) (٣)، أو يختلج به ضمير. وننزهه عن كل ما نسبه إليه المبطلون: من الشركاء والأنداد، والصاحبة والأولاد، وعن كل محال نسبه إليه أهل الضلال، مما يَسْري (٤) إلى نقص، أو يُومئ إلى عيب.

ولولا ما وقع فيه أهل الكفر والضلال من ذلك - لكان الأدب بنا تنزيهه عن أن ننطق بنفي ذلك عنه؛ لأنَّ نفي الوجود يكاد يُوهم إمكانَ الوجود، وتطرقُ العيبِ والنقصِ إليه محال، لا يخطر بالبال تصوره، فضلًا عن كونه ينْفيه ويقَدِّره.

وقولنا: "تنزيهه عن كل ما لا يليق بكماله" عبارة محررة، أولى مِنْ قول مَنْ يقول: بأوصاف الكمال، فإن أكثر ما يتصور الناس من أوصاف الكمال ما هو كمال لأنفسهم، كعلمهم وسمعهم وبصرهم، والله تعالى منزه عنها (٥)، فإن صفاته تعالى لا تشبه صفات البشر، وعلمه وسمعه


= تفسير الجلالين للدقائق الخفية: ١/ ٣٨، تفسير القرطبي: ١/ ٢٧٧، والتفسير الكبير للرازى: ٢/ ١٨٩.
(١) في (ك): "نقدس".
(٢) في (ت)، و (ص): "من".
(٣) في (ت)، و (ك): "خيال ووهم".
(٤) في (ص): "مما يشير". ومعنى "يسري" أى يؤدي ويجر.
(٥) أى: منزه أن تكون له صفات البشر: معانيها وكيفياتها؛ لأنه واحد في ذاته وصفاته وأفعاله: "هل تعلم له سميًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>