نقيضه، إذ قال:"وَلِي قضاء القضاة بشيراز، ودخل تبريز، وناظر بها، وصادف دخولُه إليها مجلسَ درسٍ قد عُقد لبعض الفضلاء، فجلس القاضي في أُخريات القوم، بحيث لم يعلم به أحد. . . فأقامه الوزير من مجلسه، وأدناه إلى جانبه، وسأله من أنت؟ فأخبره أنه البيضاوي، وأنه جاء في طلب القضاء بشيراز، فأكرمه، وخلع عليه في يومه، وردَّه وقد قضى حاجته"(١).
فقول ابن السبكي رحمه الله: ولي قضاء القضاة بشيراز، ودخل تبريز. . . الخ - ليس فيه دلالة إطلاقًا على أنه ولي قضاء القضاة قبل الدخول؛ إذ إن ابن السبكي إنما أراد بكلامه هذا: ودخل تبريز. . . الخ بيان كيفية توليه لقضاء القضاة، وسؤال الوزير للبيضاوي عنه بقوله: من أنت؟ يدل على أنه لم يكن قاضيًا على شيراز آنذاك، وإلا لعرفه الوزير، ولو جهل شخصه فلن يجهل اسمه؛ لكونه قاضي القضاة.
وقول ابن السبكي أيضًا:"وأخبره أنه البيضاوي، وأنه جاء في طلب القضاء بشيراز" ظاهر في كونه ليس قاضيًا عند طلبه، وإلا لقال: وأنه جاء في إعادته للقضاء، أو: جاء في أمر عزله عن القضاء. أو نحو ذلك من العبارات المشيرة إلى ذلك، وابن السبكي رحمه الله تعالى إمام في التدقيق فهو أصولي بارع، ومحدث بارز، ومؤرخ دقيق، وبعيد عليه إهمال مثل هذا: وهو عزله عن القضاء، وطلبه بعد ذلك؛ لأن العزل عن القضاء من الأحداث المهمة. وأما ما ذكره الحاج خليفة في كشف الظنون (١/ ١٨٦)