للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياس) (١) الثاني ليس مظنونا (٢).

وهذا التقرير على حُسْنه إنما يفيدنا القطع بوجوب العمل (٣)؛ فلذلك اختار جماعة أنَّ الفقه هو العلم أو الظن (٤)، والإنصاف أنهما مقامان: اعتقاد كون الحكم عند الله كذا لا يمكن دعوى القطع فيه، واعتقاد وجوب العمل بما ظَنَّه من ذلك - دعوى القطع فيه ممكنة.

والفقهاء نظروا للأول، والأصوليون نظروا للثاني، ولا مشاحة (٥) في الاصطلاح، ولم يتوارد اختلافهما على شيء واحد.

على أني أقول: قولهم: حكم الله في حق كل مجتهد ما أداه إليه اجتهاده، معناه: أنه يجب عليه اتباعه، ودعواهم الإجماع بهذا التفسير صحيح، وبغير هذا التفسير ممنوع، فإنا إذا قلنا: المصيب واحد


(١) في (ص): "الذي هو خارج مقدمة القياس". بزيادة كلمة (خارج). وهو خطأ.
(٢) قوله: "ليس مظنونا" خبر لقوله: "ووجود الظن". والمعنى - كما سبق بيانه - أن القطع في وجود الظن، لا في دلالته، فالظانّ يقطع بوجود الظن فيه، كما يقطع بشبعه وجوعه.
(٣) هذا اعتراض على تفسير "العلم" الوارد في حد الفقه، بأن المراد به: العلم بوجوب العمل بمظنون المجتهد؛ لأنَّ الفقه يشمل العلم بوجوب العمل، ويشمل العلم بدلالة النص على الحكم، فهذا التقرير يفيد القطع من جهة العمل، ولا يفيد القطع من جهة الدلالة، والفقه شامل للجهتين.
(٤) أي: بعض الفقه علم، كالمعلوم من الدين بالضرورة ونحوه من القطعيات، وبعضه ظن، وهو الأكثر الغالب.
(٥) في (ك): "ولا مشاححة".

<<  <  ج: ص:  >  >>