للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا جواب عن قوله: "ويكون صفة لفعل العبد"، فأجاب بأن الحكم قول متعلِّق بالفعل، لا صفة للفعل؛ لأنَّ معنى الإحلال قول الله: رفعتُ الحرج عن فاعله، وهذا القول صفة لله تعالى قائم بذاته، متعلِّق بغيره، لا صفة، كالقول المتعلِّق بالمعدومات إذا أخبرتَ عنها مثلًا، فليس القول صفة لها، وإلا لزم قيام الموجود بالمعدوم، وأما كون القديم متعلقًا بالحادث (فلا يمتنع) (١) (٢).

(والنكاح والطلاق ونحوهما مُعَرِّفات له، كالعالَم للصانع)

هذا جواب عن الدليل الثالث وهو قوله: "ومُعَلَّلًا به"، أي: بالحادث، كقولنا: حَلَّت بالنكاح، وحرمت بالطلاق.

فأجاب: بأن هذه العِلَل شرعية، والعلل الشرعية مُعَرِّفات لا مُؤَثِّرات (٣)، وكأن الله تعالى قال: إذا تزوج فلانٌ فلانةً (٤) بشروط


(١) في (ك): "فلا يمنع".
(٢) لأن تعلق القديم بالحادث من جهة العلم، لا من جهة الوجود في الخارج.
(٣) والمعرِّف يجوز أنْ يتأخر عن المعرَّف، كما عُرِف الله تعالى بصَنْعته، فالعلل الشرعية حادثة، وهي تُعَرِّف بالحكم القديم، فليس الحِلُّ بسبب تأثير النكاح، ولا الحرمة بسبب تأثير الطلاق، إنما هما بتأثير الله تعالى وَحْده، لكن النكاح والطلاق مُعَرِّفان لذلك الحكم القديم، فالحادث يجوز أنْ يُعَرِّف القديم. والمؤثرات إما أنْ تكون بالذات أو بالاختيار، فالأول: وهو المؤثِّر بالذات يُقال له الموجب. والثاني: وهو المؤثر بالاختيار يُقال له الموجد، والأثر من الموجد أو من الموجب متأخِّر عنهما بالضرورة، فإذا كانا حادثَيْن، كان حادثًا جزما. فتعليل الحكم القديم بالحادث لا يلزم منه حدوث الحكم؛ لأنَّ المراد بالعلة عندنا المعرِّف لا المؤثر. انظر: شرح تنقيح الفصول ص ٦٩، نفائس الأصول ١/ ٢٢٠.
(٤) في (ص)، و (ك): "بفلانة".

<<  <  ج: ص:  >  >>